تسبَّبت الرسوم والضرائب المفروضة على القطاعات الإنتاجية من قبل مستويات الحكم المختلفة في تعطيل عجلة الإنتاج، بالرغم من وجود بعض التخفيضات في الضريبة المركزية أهمها تخفيض ضريبة أرباح الأعمال التي كانت تفرض بواقع 35% وتم تخفيضها إلى 15% للقطاع التجاري و10% للصناعي وهنالك ضرائب أخرى غير مباشرة تساهم في رفع أسعار السلع والخدمات متمثلة في الازدواج الضريبي المفروضة على سلع السكر والوقود، الأسمنت بجانب ضريبة القيمة المضافة من 10% إلى 12%، ومثلت مشكلة ارتفاع الأسعار ظاهرة تشكو منها مختلف بلدان العالم وأصبحت مصدر قلق لكثير من الشعوب وترتبت عليها آثار قاسية في تكلفة المعيشة، وفي ذات الاتجاه نظّمت الهيئة النقابية لعمال المصارف والأعمال المالية والحسابية والتجارة والتأمين ندوة «غلاء المعيشة وأثرها على العمال»، وأبان رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم أحمد دولة وجود ضائقة في العملات الصعبة، مشيرًا إلى أن هنالك جبايات مزدوجة على كل المستويات، مطالبًا في ذات الوقت بتخفيفها للمساعدة على خفض الأسعار، داعيًا لضرورة تفعيل قوانين حماية المستهلك، وانتقد سياسة بنك السودان في التمويل الأصغر التي عمل على خفضها من 12% إلى 6% مؤكدًا أن الأرباح تصل إلى 20% وأضاف: لا بد من وضع دباجة السعر والصلاحية لكل تاجر، ومن جانبه قال مساعد الأمين العام للثروة الحيوانية عوض التوم قال لا بد من معالجات فورية وجذرية للأجور وإيجاد إصلاحات هيكلية للاقتصاد الكلي عبر تحريك الصادرات وتفعيل قطاع النقل والبحوث، مبيناً أن القطاع المالي بحاجة الى بعض الإصلاحات خاصة الأسواق المالية، التأمينات والمعاشات وطالب بهيئة رقابية لمراقبة الأسواق للحصول على قروض نقدية من البنوك الصديقة وتفعيل التجارة، وفي السياق ذاته أشار الخبير الاقتصادي د. أبو القاسم النور إلى أن التضخم والبطالة والغلاء «أصبحت» أحد الهموم التي يواجهها المواطنون موضحًا انعدام التنافسية في الأسواق ووصف الأجر الحالي بالمعاشي فقط وغير الإنتاجي، ونادى بأهمية إنشاء جهاز لمراقبة الأسعار داعيًا لفك الاحتكار وخلق بيئة إنتاجية، وأضاف أن السياسات النقدية لا تهتم بالآلية المؤسسية والوعي الاستثماري. وفي السياق ذاته أكد الخبير الاقتصادي د. محمد عبد القادر أن السياسة التوسعية بشقيها الإنفاقي والإيرادي ألقت بظلالها وتأثيراتها على وضعية التضخم وارتفاع الأسعار أما الجانب الإنفاقي فقد ساهم في إحداث التضخم الذي مصدره زيادة الطلب خاصة الاستهلاكي «العائلي، الحكومي» لا سيما وأن الإنفاق على الاستحقاقات في النزاعات الداخلية في مناطق دارفور وجنوب كردفان معظمها استهلاكي وليست موجهة نحو الإنتاج، وأوضح الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن الحلول تكمُن في تكوين جهاز يتبع للدولة لمراقبة مخزونات السلع الضرورية لتفادي حدوث الفجوات التي تستغل من قبل التجار بجانب خلق وفرة دائمة في السلع الضرورية لضمان نجاح تحرير الأسعار وطالب بضرورة وضع سياسة تؤدي الى استقرار سعر الصرف وتوجيه الاحتياطي من النقد للسلع الضرورية وأمّن المشاركون في الندوة على قيام الجمعيات التعاونية لتساهم في العملية الإنتاجية وتوزيع السلع بأسعار معقولة وتوعية المستهلك بالاعتماد على السلع البديلة وترشيدها.