والبلاد تعيش ذكرى الاستقلال المجيد وتتنسم عبيره , نظم طلاب كلية اللغة العربية بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية- فرع كردفان الأبيض، نظموا يوم السبت 5-1-2013م زيارة تاريخية إلى أرض معركة تاريخية ألا وهي أرض معركة شيكان تلك المعركة الخالدة في وجدان الشعب السوداني. أرض معركة شيكان تقع شرق قرية كازقيل وجنوب مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كرفان ولاتبعد كثيراً عن الأبيض أي نحو 45 كيلو مترا تقريباً وأحداثها وقعت يوم 5 -11-1883م. وموقعة شيكان واحدة من أشهر معارك المهدية بل بداية النهاية للاحتلال التركي المصري للسودان فيها أبيدت معظم قوات البغي والعدوان يقودها ضابط إنجليزي تم اختياره لها بعناية كبيرة إذ له مقدرة على ما يسمونه إخماد الثورات ولكن نسميها نحن ثورة ضد الظلم والاستبداد. وعن معركة شيكان قال لورد فتز مورس في مجلس اللوردات البريطاني: «لعل التاريخ لم يشهد منذ أن لاقى جيش فرعون نحبه في البحر الأحمر كارثة مثل تلك التي حلت بجيش هكس في صحاري كردفان حيث أفني عن آخره وقضي عليه قضاء مبرماً ...» هذا الكلام أورده عصمت حسن زلفو في كتابه القيم «شيكان». أما عن الزيارة أو الرحلة فتجلت روعتها في العدد المتابين من الطلاب الذين جاءوا من مختلف أنحاء السودان، فهذا طالب من كردفان وذاك من سنار وآخر من دارفور وبعضهم من الجزيرة والقضارف وهكذا كانوا كما كان أجدادنا أبطال شيكان من كل السودان قاتلوا من أجل دينهم ووطنهم تحت راية قائد واحد هو الإمام محمد أحمد المهدي فما أحوجنا إلى مثل هذه الوحدة والإنتماء للوطن. لكن أرض معركة شيكان اليوم ليست كما هي في السابق فقد تغيرت معالمها وجار عليها الزمان والإنسان فلم يبق من غابة شيكان سوى أشجار متناثرة هنا وهناك والزائر إلى شيكان اليوم يقف على ما بقي من آثارها حيث تبدو أولاً فولة المصارين :«يقال سميت بهذا الاسم حيث وقع بالقرب منها قتال قبلي منذ زمن قديم ولكثرة القتلى تجمعت الطيور الجارحة وهي تحمل في مناقيرها مصارين القتلى» وبالقرب من فولة المصارين تجمعت جيوش المهدي براياتها المختلفة الزرقاء والخضراء والحمراء وإلى الشرق منها يوجد مكان مصلى المهدي وأقيم نصب تذكاري محاط بسياج من السيخ والاسمنت وقريباً منهما توجد مقبرة لشهداء موقعة شيكان. ومن معالم شيكان الأخرى شجرة التبلدي الكبيرة التي تعرف بشجرة البروجي نسبة للقصة المتداولة ومفادها أن هكس أرسل البروجي للاستكشاف وأمره بتسلق أغصانها العليا، وعندما ملأت حشود الانصار عينيه بحشودها الضخمة أخذ ينفخ باستمرار فبعث الرعب والهلع في نفوس جيش هكس الأمر الذي أجبر هكس أن يأمر بقتله فأطلقت عليه النار في أعلى الشجرة فمات وظل جسده معلقاً بها لفترة طويلة فسماها الأهالي بشجرة البروجي وعلى بعد أمتار يوجد المكان الذي لقي فيه قائد الحملة مصرعه وفيه أيضاً أقيم نصب تذكاري. لكن اللافت للنظر أن أرض معركة شيكان لم تجد الاهتمام الكافي من قبل الحكومات المتعاقبة عدا القليل الذي لا يساوي تلك التضحيات الكبيرة التي قدمها أهلنا الكرام الذين بذلوا كل غال ونفيس في سبيل الدين والوطن. ونحن عبر جريدتكم المتميزة نوجه رسالة إلى كل من يهمهم الأمر بدءًا برئاسة الجمهورية مروراً بوزارة السياحة وختماً بحكومة ولاية شمال كردفان نقول لهم جميعاً أرض شيكان تحتاج إلى الكثير فلماذا لا يكون فيها منتجع سياحي خاصة إذا علمنا أن المنطقة قبلة للسياح الأجانب يأتون إليها ويقفون على آثارها ولماذا لا تربط بطريق مسفلت مع طريق الأبيض الدلنج فالمسافة قد لاتتجاوز السبعة كيلو مترات ولماذا لا يحافظ على ما بقي من معالمها. فهلا استثمرنا هذه النعمة أم نحن شعب لا يحتفي ولا يهتم بما له من إمكانات وما له من إرث تاريخي خالد يحسدنا عليه الآخرون.