الجانب الحواري؛ أحد مطلوبات خطاب الرئيس الأخير وتضمنها الحوار مع الحركات المسلحة والقوى السياسية والمدنية، في كل القضايا.. من هذا المنطلق بدأ ماراثون المفاوضات بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال بأديس أبابا. وتمسك الحكومة بالتفاوض مع قطاع الشمال وفقاً للقرار«2046» الذي حدد التفاوض حول الوضع الإنساني والسياسي والأمني بالمنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان، وانطلاقها وسط حضور إقليمي ودولي رفيع المستوى برئاسة ثامبو أمبيكي، ودلف لطاولة التفاؤل أمل جديد بالسير قدماً في طريق حل القضايا العالقة بين الطرفين، إلا أنها ما لبثت أن تلاشت بإصرار قطاع الشمال على إيلاج قضايا ليست في بنود التفاوض الموضوعة للنقاش فأدى لاهتزاز عرش التفاوض قبل التعمق فيه. هذا التأرجح جعل القيادي عبد الرسول النور، يؤكد خلال حديثه للصحيفة بأن المرجعيات التي قامت بموجبها المفاوضات ترتكز على بنود القرار «2046»، الذي أعطى الضوء الأخضر للتفاوض مع قطاع الشمال، وقطاع الشمال ليس الموجود فقط في المنطقتين، وحديثه فيه تأكيد على حديث رئيس الوفد الحكومي إبراهيم غندور بأن الطرفين ليسا مفوضين من الشعب السوداني لمناقشة القضايا التي تطالب بها الحركة الشعبية قطاع الشمال، وبالتالي والحديث للنور الأجندة التي سيضعها الاتحاد الإفريقي لا بد أن تكون واضحة ومتماسكة مع منطوق القرار.. استئناف المفاوضات من جديد قرأه بعض المراقبين بأنه يمثل تجديداً لسيناريو انهيارها مرة أخرى، والتي دارت محاورها حول إيجاد حل لأزمة منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق، بعد انهيار آخر جولة للتفاوض أبريل من العام الماضي دون التوصل لاتفاق بسبب خلاف وفدي الدولتين حول أجندة التفاوض، بعدما دفع قطاع الشمال ببعض القضايا التي ليست لها علاقة بالمنطقتين الأمر الذي رفضه وفد الحكومة المفاوض، وغادر على إثرها الوفدان العاصمة الإثيوبية دون التوصل لأية توافقات في المجالات كافة. التباين في الرأي حول المفاوضات يرتكز على أن الحكومة تريد التفاوض في قضايا المنطقتين، في حين أن رئيس قطاع الشمال ليس من المنطقتين وجاء ليحاور في قضايا عامة، وتمسك الحكومة يخرج عن إطار القرار المرجعي للمفاوضات، وهو ما جعل المراقبين للوضع السياسي يستبعدون أن تتوصل الوساطة إلى قاسم مشترك للمفاوضات بين الطرفين. دعوة الرئيس البشير الأخيرة بضرورة الحوار مع كل الأطراف، جعلت عبد الرسول ينحو باتجاه أن تتم المفاوضات في إطار ما أعلنه الرئيس، عبر مفاوضات شاملة في مؤتمر جامع لأهل السودان ليتفقوا على تأسيس السودان، مشيراً إلى أن الأجواء أصبحت مواتية للتحاور مع كل المتمردين لا سيما بعد التفاهمات الجيدة التي تمت بين جوبا والخرطوم أخيراً، والتي من شأنها أن تسهم في إيجاد حل للمنطقتين. هنالك العديد من المتاريس التي تواجه طرفي التفاوض، خاصة بعد ترديد الحكومة سابقاً بعدم إمكانية التفاوض مع قطاع الشمال، إلى أن يثبت الأخير جديته في الوصول لسلام دائم، أيضاً اتهامها للجبهة الثورية بأنها تقود الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وليست الحركة الشعبية قطاع الشمال. الآن أصبحت الكرة في ملعب قطاع الشمال للوصول لحلول تنهي معاناة مواطني المنطقتين، لا سيما وأن المنطقة أصبحت مهيأة للسلام حالياً أكثر من أي وقت مضى للسلام، وأن وفد قطاع الشمال عليه أن يكون جاداً في طرح أجندته وعدم الزج بالقضايا الأخرى التي يمكن معالجتها عبر مؤتمر دستوري جامع، والتركيز على قضايا وحل مشكلات المنطقتين..