عانت ولاية الخرطوم من انفجار سكاني غريب، وشهدت هجرات عكسية من الولايات التي كان معظمها يعاني من الفقر والحروب او البحث عن خدمات تعليمية وعلاجية لم تكن بالولايات، وهذا الوضع فجر اختلالاً مجتمعياً وجعل بالعاصمة الكثير من البؤر الإجرامية التي تكاثرت وتناسلت ربما وبشكل منظم، وهذا ما نلاحظه من مراقبة السلطات الأمنية وأجهزة الشرطة لصناعة الخمور بكميات كبيرة أو من خلال الجماعات المتفلتة التي تروع المواطنين وبإمكانها أن تزهق روحاً لأجل هاتف لا يتجاوز سعره ثلاثمائة جنيه، فاطراف العاصمة وبما يحيط بها من مهددات صارت حزاماً سرطانياً يزحف بسكنه العشوائي تجاه الحضر. حكومة الخرطوم وبرؤية ذكية وضعت هيكلة للولاية راعت فيها هذه الجوانب التي رأينا إحدى حلقاتها امس من خلال تدشين افتتاح رئيس الجمهورية مدينة الصفوة غربي ام درمان، والصفوة هذه لفئات اصطفاها الله لتلك المنطقة، منهم الصحافيون والحرفيين وغيرهم من الاتحادات والنقابات والمواطنين الذين مزقوا فواتير الايجارات، فالمدينة وبهذا التمدد تخفف الضغط على وسط الخرطوم وتنقل الخدمات للطراف، وتحيل براثن الجريمة الى ميادين للإبداع والتواصل، وتغتال تلك النفوس المريضة التي تختبئ خلف السواطير، فهنيئاً للمصطفين بالصفوة، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فلك الشكر السيد الرئيس والأخ الوالي وحكومته واتحاد الصحافيين على هذه المبادرة، وان كان لنا رجاء نأمل ان تستكمل الطرق والخدمات واقسام الشرطة والمشافي للمربعات الاخرى، ولا تنحصر في ما راه الرئيس فقط. بالأمس كنا حضوراً لهذا الاحتفال، واستوقفني تصريح مهم جداً للدكتور غلام الدين عثمان مدير الصندوق القومي للإسكان، وهو يتحدث عن مخطط سكني لمنطقة الديم، وقال إن الصندوق يخطط لتحويل القطع السكنية من «200» متر، وقال إنه تم الاتفاق على التمويل من البنوك، وتم تشكيل لجان خاصة بدأت في الاتصال بالمواطنين، وما فهمته من ذلك أن منطقة الديم موعودة بنقلة كبيرة في بنيتها التحتية، فالمنطقة كما هو معروف صارت بلا هوية سودانية، وفقدت الكثير من ملامح العاصمة، فهي تتوسط منطقة العمارات والصحافات الراقية، وظلت لسنين طوال على هيئتها الطينية و «المطينة» وجنباتها المشبوهة والدخلاء الذين عاثوا فيها الفساد، و «الديامة الاصليين» واصحاب الملك الحر موعودون بنقلة نوعية تمثلت في شقق وفلل فاخرة تنسجم في معمارها مع الصحافة والعمارات، وهذا ان كان فيه خير لهم فإن فيه من الخير الكبير لغيرهم، فيه الرزق الحلال والماء الزلال وفيه الاحصان للمجتمع. أفق قبل الأخير ساعتها سيكون الصندوق القومي للإسكان قد رمى بسهم آخر لا يخيب في طعن كل المهددات المجتمعية، ويكون قد كرر صورة الصفوة بشكل مماثل في الديم الذي سيصبح هو الآخر للصفوة من الأخيار. أفق أخير د. غلام.. خططْ لمنطقة العزبة بحري.