وفقاً لمقاييس الحكم الراشد فإن افضل الحكومات حول العالم هي تلك التي تعني بالقضية الاجتماعية التي قوامها تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص العمل وتوفير الخدمات التي على رأسها توفير السكن المناسب لكافة الشرائح الاجتماعية، وظلت برامج الحكومات حول العالم تتحدث بكثير من الفخر عن سفرها وانجازها في مجال السكن وعلى مستوى المنطقة فإن دولة متواضعة مثل ارتريا قامت في العامين الماضيين فقط بانشاء اكثر من (100) ألف وحدة سكنية، واذا كانت مساكن الصفيح ابرزعلامات اديس ابابا فالشاهد ان تلك المنازل قد تحولت خلال سنوات لا تتجاوز العقد الواحد الى عمارات تسر الناظرين .والصورة في مصر مختلفة اذ تقوم الحكومة بتشييد مئات الآلاف من الشقق في العام الواحد. وفي السودان وبرغم ان البلاد تعتبر من بواكير الدول التي اولت عنايتها للاسكان الشعبي منذ حكومة عبود عندما ابتدعت البنك العقاري كذراع حكومي يقوم بدور الدولة ، وكانت مدينة الشعبية بالخرطوم بحري، وتواصل العمل بايقاع اقل حتى توقف تماما وكان تخلي الدولة عن البنك العقاري وخصخصته اكبر ضربة قاضية اعتبره كثيرون من الخبراء بمثابة اعلان لخروج الدولة عن ذلك التوجه . في العام 2007 صدر قرار مجلس الوزراء رقم 329 بتشكيل اللجنة العليا للاسكان والتعمير لتأكيد حرص الدولة على توفير السكن الملائم لشرائح محدودة الدخل كما جاء القرار دفعا لقدرات الدولة والمجتمع لتحقيق نهضة عمرانية شاملة . وفي 23 يناير قررت اللجنة العليا انشاء الصندوق القومي للاسكان والتعمير بهدف الحصول على القروض والمنح والهبات لتوفير السكن والمساهمة في تطوير ابحاث البناء والسعي للاستفادة من المواد المحلية في التشييد والبناء وتقليل كلفة انشاء المباني، وذلك باعادة الاموال المتحصل عليها من ضرائب ورسوم على الاسمنت وحديد التسليح الى المستحقين المنفذين للمشروع . وجاء تكليف الدكتور غلام الدين عثمان آدم الوزير والوالي السابق كأمين عام للصندوق دليلا دامغا على جدية الدولة وحرصها على دفع العمل بالمشروع الذي بدأ بقوة من خلال توفير التمويل لتشييد عدد من المجمعات في مدني ، القضارف ، بورتسودان ، النيل الابيض ونيالا ويبلغ عدد الوحدات السكنية في المجمع الواحد (1000) وحدة سكنية كما تمكن الصندوق من الحصول على قرض صيني لتشييد (4500) وحدة سكنية اضافة الى اعادة البنك العقاري سيرته الاولى ليغدو مؤسسة تعمل على تمويل العمل في قطاع الاسكان بعد ان تمت خصخصته لمؤسسة جمعة الجمعة، غير ان الدولة وفي صحوتها التي جاءت في اعقاب قيام الصندوق عادت لامتلاك البنك بعد ان رفعت نسبة اسهمها الى 66% من جملة الاسهم . امس الاول قامت الامانة العامة للصندوق برئاسة وزير الدولة الامين العام للصندوق الدكتور غلام الدين عثمان ادم بافتتاح فرع البنك العقاري بمدينة نيالا كما تفقد الوفد العمل بمشروعات الصندوق بالمدينة والمتمثلة في (806) وحدة سكنية واكد الدكتور غلام الدين عثمان وزير الدولة الامين العام للصندوق اكد حرص الحكومة علي توفير السكن المناسب لمحدودي الدخل مطالبا الجهاز المصرفي ان يقوم بدوره في تمويل مشروعات الاسكان كاشفا ان الجهاز المصرفي السوداني يعتب الاقل مساهمة في مجال الاسكان والتعمير علي مستوي المنطقة اذ لا تتجاوز مساهمته (-1%) ما يتطلب العمل علي تصحيح الصورة ماضيا للقول ان الحكومة ادركت الامر عندما عملت بقوة لاعادة النظر في خصخصة البنك العقاري حتي عاد ليكون راس الرمح في عملية الاسكان والتعمير وثمن غلام الدين الجهات البحثية والعلماء الوطنيين الذين يعملون جهدهم للوصول لتوفير مساكن من المكونات المحلية تنتهي بمساكن ذات بعد اقتصادي وجمالي مؤكدا ان المساكن الصحيحة بالعاصمة لا تتجاوز نسبتها (12%) من جملة المساكنبالخرطوم . بنادي الضباط بنيالا جاء التداول والنقاش محتدما بعد ان استمع الحضور لجملة من اوراق العمل التي تقدم بها العلماء والخبراء من مركز ابحاث البناء بجامعة الخرطوم وشركات القطاع الخاص العاملة في مجال التصميم والتشييد ، لتخرج الورشة بجملة من التوصيات الداعمة لاعمال الصندوق في تحقيق اهدافه المجتمعية لاهمية هذه الاوراق ستعمل الصحافة على تسليط الضوء عليها مع استصحاب الرؤى العلمية لاساتذة الجامعات للمساهمة في دعم الصندوق والذي لمسنا حماسا غير معهود في امانته العامة وجهازه التنفيذي والمستشارين في تقديم ما ينفع الناس. تفاوتت اعمال الانشاءات في الوحدات السكنية الجديدةبنيالا، فبينما وصل العمل في بعضها لمراحل التشطيب فلم يتجاوزالعمل ببعضها نسبة (50%) . وبقي القول انه لابد من الاشارة الى ان والي جنوب دارفور الدكتور عبدالحميد موسى كاشا ظل حريصا على حضور كافة فاعليات اليوم وخاطبه اكثر من مرة كما سلط الضوء على عدد من المشاريع الداعمة لانفاذ المشروع مثل مشروع مياه نيالا الذي وفرت كافة احتياجاته المالية كما تم توفير كميات ضخمة من الشبكة الناقلة بطول (50) كيلومتر، خاصة ان المشروع يعتمد على مياه حوض البقارة الجوفي بمنطقة قريضة كما يجري العمل بالخزان الذي تصب فيه الشبكة الناقلة قبل اعادة الضخ للمدينة عبر صهريجين شيدا أعلى الجبل .