هناك العديد من ظواهر العنف التي تمارس ضد الأطفال بل وتترك بصمات نفسية قاسية على حياته خاصة إذا ارتبطت بعنف له آثاره الواضحة على البدن، ومؤخرًا ظهرت الكثير من النماذج تعرضت للضرب داخل المدارس ونجم عنها عاهات مستديمة للأطفال بل وصل الأمر إلى الوفاة جراءها ولم تحرك وزارة التربية ساكنًا سوى إصدار قانون يتيم حبيس الأدراج.. حول هذه الظاهرة ناقشنا القضية مع المختصين فكانت إفاداتهم التالية. شيشة داخل المدرسة
فاطمة موسى سليمان، طفلة لم تتعدّ العاشرة من عمرها، تدرس في واحدةٍ من مدارس منطقة مايو بالخرطوم، تعرّضتْ للضرب من قِبل أستاذها، حسب إفادة والدتها، والسبب كان مبلغ «خمسة جنيهات»، فبعد أنْ ضربها أستاذها سقطت على زجاجة «شيشة» كانت بالمدرسة ونواصل مع السيدة المكلومة والدة الطفلة فاطمة موسى سليمان حيث تقول: الآن طفلتي أُصيبت بعاهةٍ مستديمةٍ في رجلها وكم يساوي هذا المبلغ الزهيد مقارنةً مع فقد طفلتي لقدمها؟ وتضيف والدة الطفلة بحسرةٍ بيّنةٍ بأنّ الأستاذ الذي كان السبب في هذا الأذى لابنتي رفض بتاتاً التكفُّل بمعالجتها، هذا العلاج استمر لعامٍ كاملٍ، وعلى الرغم من أنّها قامت بفتح بلاغ بوحدة حماية الأسرة والطفل في مواجهة مافعله الأستاذ بابنتها؛ إلا أنّ المحامي قام بشطب البلاغ وبالمقابل قدّم لها مبلغ «650» جنيهاً لإسكاتها من الحديث مرةً أخرى، لكنها رفضت المبلغ، وعوضاً عن ذلك قامت بتحويل ابنتها الى مدرسة أخرى وما زالت تبحث عن مَنْ يأتي لها بحق ابنتها. ضرب عشوائي نموذج ثانٍ مؤسف، الطفل محمد فائز إبراهيم الذي توفي في الأسابيع القليلة الماضية، وحملت الأخبار تفاصيل الحادثة.. قال والده ودموعه تسبق كلماته، إنّهم كانوا مقيمين بالجماهيرية العربية الليبية لأكثر من خمسة وعشرين عاماً، ثم جاءوا للاستقرار لكنهم فوجئوا بالبئية المدرسية غير المهيأة، أغربها الضرب العشوائي، ويقول بحسرة: لقد ذكر لنا مدير المدرسة أنه المدير ولديه حصانة ضد المساءلة القانونية، بل والأدهى من ذلك أنّ إحدى الأستاذات في المدرسة قالت لنا في جمعٍ من الطلاب بعد وفاة ابني صراحةً: «لا تعتقدوا بأننا سوف نوقف الضرب»، ويضيف إنّ أبنائي الذين يدرسون بنفس المدرسة صاروا يُعانون من ضغوط نفسية جراء ذلك؛ للدرجة التي قالوا لي فيها إنّهم لا يرغبوا في الذهاب إلى المدرسة. مجلس الطفولة يُهدّد وفي الأسبوع الماضي تبنى المجلس القومي لرعاية الطفولة في لقاء تفاكري حول حماية الأطفال من الجلد مسؤولية الجميع حملة مناصرة للبدائل التربوية للعقاب البدني وهدد باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كل من يتعدى على حقوق الطفل خاصة ممارسة عقوبة الجلد بمدارس الأساس بجانب حصر وتقيييم النماذج العقابية بمؤسسات التعليم، وقالت الأمين العام لمجلس الطفولة قمر هباني إنهم ليسوا ضد أي معلم ولكن في حالة تجاوزه القانون فلابد من الرجوع لحكم القانون.. وقطعت بالقول إذا أثر هذا الأمر على حماية الأطفال «فنحن موجودون بالمجلس وهوالمنفذ لقرارات الدولة» وشددت على أهمية احترام المعلم للقانون وإيجاد نص واضح لعقوبة الجلد بالمدارس، منبهة لضرورة احترام القانون والجهاز التشريعي الذي أصدر القانون بهدف تعليم الجهات مسؤوليتها سواء كانت وزارة التربية والتعليم أو الموجودين بها، وتعهدت باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كل من يتعدى على حقوق الأطفال خاصة ممارسة الجلد في المدارس، وأضافت: رغم وجود قرارات من قبل وزير التربية والتعليم إلا أن الضرب مازال يمارَس بصورة قاسية ولم تلتزم به المدارس. مؤكدة ضرورة وجود حملة لإيقاف الضرب في المدارس، وقالت: نقدر رسالة المعلم لأنه لصيق بالطفل إلا أننا نريد الوقوف على الفجوات في النظام التعليمي وكيفية سدها عبر التدريب وغيره حتى يكون التعليم مواكبًا. وشددت على ضرورة تطور الأذهان في التعامل مع قضايا الأطفال. قرار غير مُفعَّل وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم أصدرت قرارًا بالرقم «10» في العام الماضي يحظر ضرب الطالب بمدارس الأساس بعد أن كثرت الشكاوى يقول نصه: أفيدكم بأن مجلس الوزير في جلسته رقم 10 بتاريخ 29/6/2010؟ أصدر قرارًا بمنع عقوبة الجلد للتلاميذ في مرحلة الأساس مع الإبقاء على العقوبات التربوية الأخرى وأن تكون العقوبة في المرحلة الثانوية بواسطة مدير المدرسة وبحد أقصى ثلاث جلدات» بل إن الوزارة جددت من قبل القرار وذكرت أن أي معلم يخالف القرار يعرض نفسه للمساءلة والشاهد على الأمر أن القرار غير مطبق ومازال مجرد حبر على ورق وحبيس الأدراج ونتمنى أن يحظى بالاهتمام حتى تصبح البيئة المدرسية جاذبة.