تقول مفوضية العون الإنساني بأن سبعين منظمة أجنبية تعمل بالسودان، وكذلك أربعين أخرى، لكنها تقول في ذات السياق بأن جهود المنظمات العربية والإسلامية تبقى ذات أهمية في دعم العمل الطوعي الإنساني. إذن هذه الأخيرة هي وحدها التي يمكن أن تفيد. وكل الدوائر المختصة بعمل المنظمات في العالم تفهم تماماً أن دولة مثل السودان لن تفيدها إلا المنظمات الإقليمية العربية والإسلامية، أما تلك الأجنبية، فهي غير مرغوب فيها وغير مدعوَّة، لكنها تعيش في الأجواء الانتهازية مثلما تعيش البكتريا الضارة والجراثيم في الأوساخ فقط. لذلك ارصدوا ثغرات «الاجنبية» وطالبوا بمزيد من العربية والاسلامية. سراح «الخلية» والاحتفال بالمجادلة هكذا تبدو التسمية وكأنما الأمر خطر. هم طلاب لم يجدوا أصحاب عقول جبارة لمجادلتهم.. واقناعهم بان عملية التغيير وفق تعاليم الاسلام لا يمكن ان تكون الا بالتربية و«التصفية الفكرية» وليس «الجسدية». من جلس مع هؤلاء الشباب قبل إلقاء القبض عليهم وقال لهم هاتوا برهانكم الذي يدفعكم للقتال خارج اسوار بلادكم وبداخل بلادكم تقوم الحركات المتمردة في جبال النوبة بارتكاب الفظائع ضد المواطنين؟! لماذا لا تُعرض أخبار المجازر والاغتصابات التي كانت تقع مثلاً في منطقة مندي بمحلية تلودي؟! إن الصومال ومالي وافريقيا الوسطى مكتظة بالمسلمين، وهم هناك يريدون فقط الغذاء والدواء لأسر المسلمين أما المقاتلين فإن أبناء تلك الدول من الشباب المسلم يعجبك حماسهم للجهاد. لماذا إذن ندير ظهورنا لفتيات واطفال جبال النوبة ونذهب الى ساحات قتال لا تحتاج الى مقاتلين من فجاج بعيدة؟! واذا كان قد جاء في الاخبار بأن هناك اتجاه لإطلاق سراح «خلية الدندر»، فإن الاحتفال بذلك ينبغى ان يكون بالمجادلة بالتي هي احسن. أمبيكي ومؤامرة تعطيل التفاوض تقول عناوين بعض الصحف ليوم الاربعاء الماضي بأن امبيكي كان قد اراد ان يبحث مع البشير مفاوضات اديس ابابا والحوارالوطني. وكأنما يريد الانس و(الونسه) مع السيد الرئيس دون ان تكون لخطواته جدية تجاه أى من الأمرين، إذا كان بالنسبة لمفاوضات اديس ابابا فقد كان حرياً بأمبيكي ان يسبق التباحث حولها بتصريحات تفيد بأن قطاع الشمال لم يكن جادا في ان تنطلق المفاوضات في هذا الوقت على الاقل لأسباب متعلقة بترتيباته الداخلية. هذا لم يحدث وكأنما قطاع الشمال لم يكن على خطأ وهو يتلاعب بالتفاوض والمواطن السوداني في جنوب كردفان يستقبل نيران قواته. اما الحوار الوطني فهذا شأن داخلي غير متعلق بشئ دولي أو اقليمي مثل قضية المنطقتين. وليت امبيكي استفاد من الزمن مع الرئيس وترك موضوع الحوار الوطني وركز على تلاعب قطاع الشمال بالتفاوض.. والرئيس نفسه طالب أمبيكي بعدم اضاعة الوقت بقضايا جانبية. فهل سيركز فقط علي تسريع التفاوض ام إنه جزء من مؤامرة إبطاءه؟! وأمبيكي والصادق المهدي التقى رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي برئيس الوساطة الافريقية لمفاوضات اديس ابابا بين الحكومة وقطاع الشمال امبيكي وقد طالبه الصادق المهدي بنقل المفاوضات الى الخرطوم بدلاً من اديس ابابا.. ومعلوم ان التفاوض هناك لم يكن تحت الاشراف الاثيوبي حتى نقول ان المشرف قد اخفق في مشروع انتاج اتفاق يوقف الحرب التي يتضرر منها المواطنون في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وهل يمكن ان يقتنع عرمان بأن يعود الى الخرطوم قبل التوقيع على أي اتفاق كما كان قد جاء ضمن وفد المقدمة للحركة الشعبية عام 2003م؟! لم يكن ما طالب به السيد الصادق المهدي واقعياً، ولا يهم ان تكون المفاوضات هنا أو هناك. المهم هو ان تُستعجل حتى يجنى المواطن ثمارها وتكون أغنته بذلك عن «عملية الصيف» (وكفى الله المؤمنين القتال). أخيرًا أنابيب الغاز المنزلية «الخرطوم تشرع في إنشاء مخزون إستراتيجي للغاز». هو خبر احتفت به (الوفاق) وهو جدير بان يكون عنواناً بارزًا لأن ما يوفره الغاز للمواطن البسيط يستفيد منه وينفقه في احتياجات أخرى، وها هو رئيس لجنة (الغاز) الدكتور ياسر الجميعابي يفيد بأن ولاية الخرطوم تسعى لخلق شراكة إستراتيجية مع المواطنين والشركات العاملة بالغاز لتوفير السلعة عبر الخزانات وتوزيعها من خلال الأنابيب للمنازل. وهذا طبعاً يُغنى عن الاسطوانة الذي اقترب سعرها من نصف المليون بالقديم. الفكرة حتى الآن تبقى على الصعيد النظري وبعيدة عن إمكانية التطبيق لكن يبقى انتظارها على جمر لضرورة تنفيذها. و«عيش يا حمار».