لا شك أن ولاية شمال كردفان تنتظمها حركة نهضة كبرى هذه الأيام، وقد بدأ نفير النهضة بحاضرة الولاية مدينة الأبيض، وأصبحت بصمات النهضة فيها ماثلة للعيان وبقية محليات الولاية في ترقب وتأهب تنتظر دورها في هذه النهضة، وفي محلية أم روابة بدأت الانطلاقة باجتماع دعا له السيد المعتمد كل الأعيان والفعاليات السياسية ورجال الأعمال والتجار ورؤساء الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وكان الغرض من الاجتماع التنوير بمفهوم النهضة واستنهاض الهمم وحشد الطاقات واستقطاب الدعم المادي والمعنوي، واحسب أن اللقاء كان ناجحاً بكل المقاييس، وكانت الاستجابة كبيرة، ويحدونا الأمل أن تشهد هذه المحلية نهضة في كل المجالات ولا بد من التركيز على «البنية التحتية» بدءاً برصف وسفلتة الطرق الداخلية، والعمل على تغيير كامل لشبكة المياه بالمدينة، وحفر آبار جديدة في المناطق والأحياء التي يعاني مواطنوها من نقص المياه وصعوبة الحصول عليها، وهذه دعوة للقائمين على أمر مرفق المياه أن يحددوا ويحصروا الاحتياجات الكلية لحل المشكلة، ووضع التصور والخطط المستقبلية لمعالجة مشكلات المياه بصورة نهائية، خاصة ان المدينة تشهد تمدداً وتوسعاً يوماً بعد يوم. والأمر الثاني: لا بد من الارتقاء بخدمات الصحة العلاجية وصحة البيئة، وهذا يقودني للحديث عن المنطقة الواقعة بين المقابر والمدرسة الثانوية بنين والمدرسة التجارية، فهذه المنطقة بها كميات مهولة من الأوساخ متمثلة في أكياس النايلون والأشجار، فالمنظر مقزز لدرجة تفوق التصور، علماً بأن هذه المنطقة معبر لإحياء الصفاء وطيبة والدرجة، بالإضافة لمجاورتها المؤسسات التربوية والتعليمية التي يشع منها نور العلم، وديننا الحنيف يدعو للنظافة لأن النظافة من الإيمان، فلا بد من قيام حملة كبرى لنظافة تلك المنطقة تتبناها المحلية، كالحملة السابقة التي قادها السيد المعتمد بنفسه، فكانت حملة ناجحة بكل المقاييس. ويمكن استنفار طلاب المدارس الواقعة في إطار المنطقة المعنية. والأمر الثالث: وجود كليات جامعية بالمحلية يساعد في تمازج الثقافات بين الولايات، ويساعد كذلك في إنعاش الاقتصاد المحلي، ويلاحظ تمركز معظم كليات جامعة كردفان في مدينة الأبيض خلافاً لما هو متعارف عليه في الجامعات الولائية التي توزع كلياتها علي المحليات المختلفة، فلماذا تستأثر مدينة الأبيض بمعظم كليات الجامعة، فهي جامعة لأهل كردفان قاطبة، وكان من المفترض توزيع كلياتها على جميع المحليات تيسيراً على طلاب تلك المحليات. فمحلية أم روابة تتوفر فيها كل المقومات اللازمة والبيئة المهيأة لقيام كليات جامعية لاستيعاب طلاب محليات أم روابة والرهد وأم دم، وطلاب الإداريات المختلفة التي تتبع لهذه المحليات. فأنا اقترح قيام كلية للصيدلة بمدينة أم روابة تتبع لجامعة كردفان، علماً بأن كل ولايات كردفان ودارفور لا توجد بها كلية للصيدلة. والأمر الأخير: شريحة المعاشيين، فهذه الشريحة أفنت العمر كله في خدمة المجتمع، ولها من الحقوق على الدولة، فلا بد من إعطائهم حقوقهم ومستحقاتهم أولاً بأول رداً للجميل بأحسن منه. وأخيراً: مشروع خور أبو حبل وهو من المشروعات الرائدة التي يمكن أن تنهض بهذه المحلية، ولدينا ابن من هذه المدينة حائز على درجة الدكتوراة في هذا المشروع، وهو الدكتور حافظ الشريف، فهو من الكفاءات النادرة في هذه الولاية، وكانت رسالته تحت عنوان «الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لمشروع خور أبو حبل/ شمال كردفان/ السودان» وبالتالي يمكن الاستعانة به لقيام هذا المشروع الحيوي الذي ستتنزل خيراته خيراً وبركةً على إنسان هذه المحلية.. فنرجو من سعادة المعتمد حمل هذه الهموم والتطلعات والأشواق والأماني إلى حادي ركب الولاية سعادة مولانا أحمد هارون والجلوس معه لتحقيق هذه الأهداف. مبارك الفكي علي أم روابة البحث في الموجود لا عن المفقود ان المناخات والاجواء السائدة التي يلفح نفوسنا لهيبها الحارق يجب ألا نسمح لتأثيراتها وانعكاساتها بأن تشكل بؤرة احباط تهز عزائمنا او تهزم فينا إرادة الحركة لتجعل منا اسرى لدواعي التشاؤم واستدامة النظر الي النصف الفارغ من الكوب، ولما كانت محدودية قدراتنا «نحن العوام» وضعف تكوين بنياننا النفسي والبيئي والتربوي لا يساعدنا على استشراق آفاق ارحب تتمدد خارج محيطنا المتاح، يصير لزاما علينا إذن صرف النظر عن البحث في هذا المجال الذي سميناه مفقوداً و توجيه الجهود نحو الآخر الموصوف بالموجود، حيث كنا وبقدر ما يظل الأول غائباً عن ادراكنا ومستعصياً على جهودنا نجد الثاني حاضراً ومتاحاً تجسده ثوابت وقيم مستكينة ومستقرة داخل النفوس، وبعض هذه المبادئ نجدها تفصح عن وجودها عبر رموز حية معبرة تضئ حياتنا بفعلها وسلوكها وعطائها، وهذه المعادن النادرة في صفاتها ومواصفاتها كثيرة يحفل بها مجتمعنا يجمعك بها التلاصق والاحتكاك سواء عبر ساحات الزمالة او الجوار او الانتماء داخل تنظيم اجتماعي خدمي او ديني او عبر التعامل وتبادل المنافع، ومنهم من تلتقيه صدفة فتنبئك ملامحه عن مكنونات للطيبة والبشاشة تكتشف لاحقاً أن تلك هي حقيقة نفسه وصفته الأصلية. وددت بهذا الطرح التأكيد بأن ما تحمله دواخلنا من اسباب المودة والخيرية يمثل مع رعايته والحفاظ عليه مخزوناً استراتيجياً يحمي ويصد كل صدمات الحياة وتداعيات اليأس.. وعلينا فقط البحث والتفعيل، وباتباع هذا المسار يمكننا الارتقاء بقدراتنا وارتياد الآفاق الاوسع. وهذه الخواطر استحضرها الذهن اثر لقاء جمعني باحد الرموز التي اتخذناها محوراً لهذه المداخلة.. عرفناه زميلاً امتلك من الصفات ما جعله موضع احترام بين زملائه وكل من عرفه، وسعدنا وافتخرنا بهذه الزمالة لما يقارب العقدين من الزمان، وبعد مغادرتنا الموقع صارت لقاءاتنا مع الزملاء القدامي محكومة بظروف المناسبات الا مع هذا الزميل المتفرد فقد ظل الشوق الى انسه ومودته محفزاً اساسيا لزيارته واستدامة التواصل معه، وفي لقائي الأخير معه في مكتبه اقترح علي الخروج في سياحة في قلب الخرطوم، ووجدت نفسي في معيته داخل مبنى الدار السودانية للكتب، وكان يسأل عن كتاب معين في التفسير بينما كان يعير انتباهاً ضمنيا لتوقفي امام بعض الكتب اثارت اهتمامي، وبانتهاء الجولة فاجأني بتقديم ثلاثة من الكتب لشخصي بعد ان سدد قيمتها، وأذهلني اختياره الذي تطابق مع انجذاب جارف نشأ في نفسي نحو هذه الكتب الثلاثة تحديداً، وتأكد لدي ان من بين مواهب صاحبي قدرته علي قراءة الافكار ومن ثم استجابته لتغطية متطلبات هذه القراءة. ومن مواقف هذا الزميل ومبادراته التي لا تنسي ذلك الموقف الاستثنائي الذي اتخذه عندما عدل مسار رحلته التي اعد لها العدة لقضاء اجازته في عام 1983 بين اهله ومعارفه في السعودية، فعدل وجهته لتكون الي القاهرة عندما علم اني مغادر الى هناك مستشفياً بدون مرافق، فاتخذ مبادرته ليصحبني مرافقاً ومعيناً... و بعد اخي جعفر الا ترى معي انه من الخير بل الواجب ان نذكر ونذكر بعضنا بوجود هذه النماذج المشرفة بين ظهرانينا لنزداد طمأنينة وثقة بأنفسنا. اسمحوا لنا بأن نتوجه من منبركم العامر هذا بتحية ملؤها الود و الوفاء للاوفياء من ابناء وطننا.. اليك ايها الكريم الرائع الزميل النبيل تاج السر عثمان يس بن العمدة وابن حي العمدة سليل الاسرة التي انجبت الخيرين الذين عرفوا بحسن السيرة وكريم الخصال، والتحية لذكري وروح الرمز الوطني الخلوق والقيادي العفيف المهندس احمد محمد يس مجلس السيادة عثمان العوض عبدالله الكلاكلة الاستثمار الزراعي بنهر النيل بالرغم من الإمكانات الهائلة التي تتمتع ولاية نهر النيل في مجال الانتاج والاستثمار الزراعي، فإن قطاع الاستثمار الزراعي ظل يشهد حراكاً وتفاعلاً على مستوى المركز، وخير دليل على ذلك التوافد الكبير للمستثمرين الاجانب والمحليين، كما للولاية مميزات في مجال الاستثمار الزراعي، ويأتي الاهتمام بالاستثمار لمواجهة كل المشكلات المرتبطة بنقص الغذاء في بالبلاد والولاية على وجه الخصوص وخلق مزيد من فرص العمل على ان يركز الاستثمار الزراعي على الانتاج البستاني، زراعة القمح، البقوليات، التوابل والنباتات الطبية والعطرية ليس فقط علي الشريط الضيق علي ضفتي النيل، وانما ايضا في اراضي التروس العليا، ولا بد من توعية المواطنين بضرورة الاستثمار وترك كل اشكال المظاهر الاحتجاجية بمجرد ظهور مستثمرين بحجة حيازة الارض، ولعل وزارة الزراعة بولاية نهر النيل قد أولت موضوع الاستثمار اهتماماً بالغاً واخذ يسير بخطي ثابتة، وذلك بجهد العاملين بالوزارة والكوادر التي ظلت تقدم علمها الغزير بالولاية وغيرها من المواقع التي عملوا بها، ومن ضمن هؤلاء د. حاج عطوة تاج السر مدير عام الوزارة، والرجل ظل يعمل في صمت منذ تخرجه، حيث عمل بمكتب الزراعة بتمبول ومديراً للادارة الزراعية بمؤسسة حلفا الزراعية، وأسهم في تأهيل دلتا طوكر والقاش، واسهم بصورة فاعلة في تطوير البرنامج القومي لتوطين القمح بولاية نهر النيل، فضلاً عن تأسيس «50» مشروعاً زراعياً رائداً، اضافة الى تأسيسه مجلس حماية وترقية البيئة، وهذا دليل على تمسك حكومة الولاية به مديراً لثلاث فترات ومازال الرجل يقدم عطاءً مشهوداً لا تخطئه العين، ويقف من خلفه اركان حرب الوزارة واتحاد المزارعين واسرة التمويل الاصغر وعدد من المصارف المهتمة بعمليات التمويل الزراعي. بشير رحمة الله عبد القادر الدامر