لم يكن موقفي من حزب المؤتمر السوداني ورئيسه إبراهيم الشيخ موقفاً مزاجياً أو شخصياً لكنه موقف مبدئي وأيدولوجي ينطلق من معاداتي لمواقف وأفكار حزب «إبراهيم الشيخ» الموالية للتيار العلماني وترهات اليسار وضلالاته.. ومن هنا نسأل ماذا يفعل إبراهيم الشيخ وحلفاؤه في كردفان هذه الأيام؟! ندوة ضخمة في النهود، وأخرى مثلها في جامعة كردفان وثالثة يجري الإعداد لها لتقام في مدينة غبيش، وجميع هذه الندوات يقدم فيها إبراهيم الشيخ وكمال عمر من المؤتمر الشعبي يقدمان فيها خطاباً صارخاً لغة هي أقرب لإنتاج حرب دارفور التي قضت على الأخضر واليابس إعادة إنتاجها في كردفان الآمنة بعد أن صمت أوارها في معظم أجزاء دارفور؟! ماهي المبررات التي جعلت حزباً صغيراً وهزيلاً مثل حزب إبراهيم الشيخ ينتفش وينبت له ريش ويصبح له فعالية في مدن وأرياف شمال كردفان، بل يصدر صوتًا صارخًا يثير الرعب والمخاوف مستغلاً خطاب المعاش والحياة اليومية مدخلاً لمخاطبة الجماهير بجانب التركيز على سياسة دخول القلوب عبر الجيوب!! الذي جعل إبراهيم الشيخ يدخل غمار التحدي ويعمل بكل هذا الحماس هو وجود الفجوات السياسية وهشاشة برامج المؤتمر الوطني هناك، هي التي حفزت هذا الحزب الوضيع ومنحته القدرة والشجاعة أن يستقوي ويندفع بقوة لملء الفراغ ورسم خارطة سياسية جديدة بالمنطقة.. كم من أفكار احترقت بنيران الاستهزاء والتقارير الجوفاء فالمؤتمر الوطني في شمال كردفان عليه نشاط موازٍ يعيد فيه التوازن وبعض الاختلالات والخلاخل التي صنعها إبراهيم الشيخ وحلفاؤه من ما يسمى تحالف جوبا الموءود. المؤتمر الوطني مضى بتفعيل مكتبه القيادي الذي هو الآن دون المستوى وثلث أعضائه هم في الخرطوم وزراء اتحاديون وبرلمانيون وغير ذلك ولديهم اهتمامات قومية ومشغولون بقضايا بعضها إقليمي لم تترك لهم وقتاً لحضور اجتماعات المكتب القيادي المقررة بالنظام الأساسي اجتماعين خلال الشهر بأجندة مفتوحة، وإذا كانت هناك قضايا طارئة يجوز بل يتحتم عقد أكثر من أربعة اجتماعات خلال الشهر.. تفعيل المكتب القيادي يبقى من الضرورة بمكان، والبداية بإعفاء الأعضاء الموجودين في الخرطوم ولم تمكنهم ظروفهم من حضور مناشط الحزب الراتبة وتوقيع قيادات أخرى لتخلفهم ليتفرق أعضاء المكتب القيادي لنقاش كل العمل السياسي والأداء التنفيذي مراقبة القرار السياسي وتقييم وتقويم الأداء بغرض التصويب والوقوف على عمل الأحزاب الأخرى ولتحديد الخط الموازي لنشاطها لحالة حزب «المؤتمر السوداني» الذي استقوى بضعف «الوطني».. المكتب القيادي مضى بالأداء التشريعي أيضًا بما لا يدع مجالاً للتدخل في العمل النيابي هذا في إطار الإحاطة بمستجدات الأحداث على الساحة السياسية.. علمت أن هناك نوايا لإعفاء الأعضاء غير المواكبين للمكتب القيادي لكن ما يلزم الوطني بشمال كردفان إعفاء وتسريح الذين هم مشغولون بقضايا قومية وغير مواكبين.. قضية أخرى وذات أهمية في عملية الإصلاح بشمال كردفان وهي تمسك الفاضل حاج سليمان بمنصب رئيسي شورى الوطني والحركة الإسلامية وهو نائب بالمجلس الوطني وعضو في البرلمان العربي لذلك هو غير متفرغ لأداء الحزب حتى ولو كان أداء ونشاط الشورى موسمياً لكن بالضرورة أن يكون رئيس مجلس الشورى مواكباً ومتابعاً لكل تفاعلات الحزب اليومية، كان الناس يتوقعون من الفاضل حاج سليمان استقالة بعدما انتقل نشاطه للمركز لكنه لم يفعل والآن مضى العام والنصف رغم تململ أعضاء الشورى وحديثهم الصريح بشأنه ومصير العمل في ظل ابتعاده المكاني والزماني!! تحركات إبراهيم الشيخ المشبوهة في كردفان وانشغال الوطني بقضايا انصرافية ربما يدفع المنطقة إلى واقع جديد غير متوقع يضع الجميع أمام امتحان حقيقي يصعب احتواء سيناريوهاته التي تبدو مفتوحة، خاصة أن الخطاب السياسي والأطروحات التي نثرها «حزب المؤتمر السوداني» في كل ندواتها مثيرة جداً ووسط أجواء من التطلعات والآمال الجماهيرية المشروعة وهناك من قيادات «الوطني» في شمال كردفان من يقلل من مثل هذه التحركات لكن واقع الحال ومسيرة الأوضاع سواء كانت في دارفور وغيرها تبدو هكذا بحديث وخطاب لموتورين لكنه يُدخل الناس في تعقيدات يصعب إعادة التوازن من جديد وقبل أن يقع الفأس في الرأس الحقوا..!! هنا وأنا أسرد بعض الملاحظات لابد من الإشارة إلى ملاحظتين مهمتين، الأولى كانت في المؤتمر التنشيطي السابق إبان رئاسة «محمد أحمد الطاهر أبو كلابيش» للمؤتمر الوطني فقد حضر الجنرال بالحركة الشعبية وقتها محمد يوسف وقد أعلن أمام المؤتمرين وبحضور الدكتور نافع علي نافع أعلن انضمامه لصفوف المؤتمر الوطني وانطلاقاً من هدى الله «فإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله» تم ضمه إلى كتيبة المكتب القيادي، لكن يبدو أن الرجل كان يبحث عن لقب قيادي ليذهب به إلى الخارج ويسوِّق به نفسه، فلم يمكث طويلاً حتى أعلن تمرده وفي جيبه عدد من البطاقات التي تحمل صفات قيادي سياسي وتشريعي وبذلك قد حقق كسباً سياسياً لنفسه وترك قيادات الوطني يرددون الآية «فإن أرادوا خيانتك فإن حسبك الله» حسبنا الله ونعم الوكيل.. فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ففي المؤتمر التنشيطي الأخير أعلن شابان من أحزاب «الشينات» أحدهما من المؤتمر الشعبي والآخر من الحركة الشعبية ومعهما هياكل وأتباع أعلنا انضمامهما «للوطني» وبقرار منصة أُدخلا المكتب القيادي بصفة المراقب، على الرغم من أن الحكم عليهما لا يزال مبكراً لكن كان الأفضل القرار يكون عبر مؤسسات وآليات الحزب حتى يتحمل الجميع المسؤولية حال الفشل..