تعرضت مدينة مليط بشمال دارفور لهجوم غاشم من الحركات المسلحة وعاشت المدينة أوقات عصيبة تحت وابل رصاص التمرد، ولقي «78» من القوات النظامية مصرعهم خلال الاشتباكات التي اندلعت مع المجموعات المتمردة المسلحة التابعة للحركات المسلحة بمدينة مليط شمال الفاشر الخميس الماضي، في مقابل مصرع «8» من عناصر الحركات المسلحة. الهجوم الذي شنته الحركات المسلحة على مدينة مليط أسفر عن مقتل «10» من أهالي المدينة فضلاً عن إصابة العديد من المواطنين الأبرياء وتعرض ممتلكات ومنشآت وأسواق المدينة للدمار والخسائر الفادحة. الهجوم استهدف أماكن وجود القوات النظامية بأطراف مدينة مليط وأيضا تعرض ثلاث مركبات من التي استخدمت في الهجوم للتدمير الكامل. تسبب الهجوم في مقتل عدد من المواطنين وأسرة كاملة مكونة من تسعة أشخاص شرق المدينة، وهناك أقوال متضاربة تواترت عن انسحاب المتمردين إلا أنهم لم ينسحبوا بل تراجعوا قليلاً من أجل دفن موتاهم شرق المدينة، وفي أثناء ذلك انقضت عليهم قوات الدعم السريع ومن ثم تم دحرهم. وقال شاهد عيان ل «الإنتباهة» باقتضاب قوات التمرد قامت بنهب السوق وممتلكات المواطنين وفروا هاربين. تطمينات حكومية طمأنت الحكومة المواطنين من خلال بيانها بأن الوضع في المدينة حالياً مستقر بعد تلك الأحداث الدامية التي تعرضت لها مليط على حد زعمهم، لكنها بينما تضاربت بعض هذه الإفادات مع أقوال شهود عيان وقال أحدهم ل «الإنتباهة» إن الوضع في مليط يدعو للقلق لأن المواطنين أصابهم الذعر والهلع جراء ما حدث وما زال هذا المشهد سيد الموقف والحركات المسلحة لم تخرج من مليط حتى اليوم الثاني قبل أن تدحرهم قوات التدخل السريع لاحقاً، والجدير بالذكر أن الحركات المسلحة شنت الأيام الماضية هجوماً على مناطق كلمندو، واللعيت، والطويشة بشمال دارفور، وتعهدت الحكومة بمعالجة الأوضاع الناجمة عن تلك الهجمات أمنياً وإنسانياً. وتزامن الهجوم على مليط مع وجود وفد وزاري وصل إلى شمال دارفور قبل يومين بتوجيه من نائب الرئيس حسبو عبد الرحمن الذي يزور ولايات دارفور منذ أيام في أعقاب الهجوم الذي شنه المسلحون على مناطق عدة بشمال دارفور. قيادات المنطقة تدين الهجوم أدان وزير الشؤون الهندسية الأسبق اللواء «م» إسماعيل الحاج يوسف الهجوم الغادر الذي تعرضت له مليط، مبتدراً بالترحم على أرواح الشهداء، في سياق حديثه ل «الإنتباهة» واصفاً الهجوم الغاشم من قبل الحركات المسلحة الذي استهدف مليط ومناطق شرق دارفور بأنه الأشرس من نوعه ومباشرة يعود بالأذهان إلى المربع الأول أي نقطة بداية الحرب والتمرد في دارفور عام 2003م، مشيرا إسماعيل الحاج إلى أن هذه الحركات اختارت في استهدافها المناطق الخطأ والتوقيت الخطأ أيضاً، وبذلك أسهمت في تعقيد وتأزيم أزمة دارفور أكثر والحيلولة دون حلها سواء أكان من الناحية الأمنية أو الإنسانية، موضحاً أن ما تقوم به تلك الحركات من عدائيات لا يساعد في حل قضيتهم، بل العكس يزيد من حدة التوتر إضافة إلى خلق المرارات الإنسانية، لأن هذه المناطق ظلت طوال تلك الفترة مناطق آمنة تنعم بالاستقرار التام. مبيناً الحاج يوسف أنه ليس هناك وجود حكومي بتلك المناطق نسبة لاستتباب الأمن فيها، واستدرك قائلاً عن سبب استهداف الحركات تلك المناطق تحديداً بأنها ربما تكون لأسباب سياسية في المقام الأول لما تتمتع بها المدينة من ثقل عددي وسكاني لا يستهان به إضافة إلى عدم تأثرها بمجريات الأحداث في دارفور ولم تشهد نزوحاً لمواطنيها لذلك رأت هذه الحركات أنه آن الأوان أن تدفع ثمن ذلك وهذا بالطبع سيؤثر على السياسة المستقبلية. مناشداً الحكومة بالتدخل الفوري لاحتواء الموقف وعدم ترك الحركات تعيث فساداً أكثر من ذلك وأنه لا بد من إيجاد حل سريع وناجع لدحرهم من كل المناطق. واستهجن الحاج يوسف الأسلوب الذى استخدمه أركو مناوي رئيس الحركة والضغط على الحكومة لإقالة الوالي كبر عبر المواطنين الأبرياء وبالأخص قبيلة البرتي قائلاً: ما ذنبهم أوعلاقتهم بكبر؟ الحكومة عبارة عن جهة مختصة أما هؤلاء الأبرياء لماذا يتم استخدامهم في سياق هذا الصراع الحامي، ربما يكون ليس له نهايات. الحركات المسلحة ادعت بأنها قامت وتمردت من أجل المواطنين، ومن جهة أخرى تقتل المواطنين العُزل وتقوم بهتك أعراضهم ونهب ممتلكاتهم في تقديري هذا تناقض كبير، وقراءة خاطئة للموقف بنسبة «100%». وقال اللواء إسماعيل هذه المواقف لو اعتقد هؤلاء بأنها ستعزز موقفهم بالعكس تماماً هذا الأمر سيضعف موقفهم في كل المحافل الدولية والإقليمية أيضا لأن الأممالمتحدة ترعى حقوق الإنسان وقتل المواطنين دون وجه حق بالتأكيد يؤدي إلى تآليب المجتمع الدولي والرأي العام عليهم، أما بالنسبة لتعرض موكب الوالي كبر للهجوم ومحاولة اغتياله لو كان الاستهداف في شخصه، فكبر الآن يمثل سلطة الدولة وعلى الحكومة حماية هيبتها وبسط هيمنتها بالأسلوب الذي يكون مناسباً بهذا الصدد. حقيقة الأوضاع أكد معتمد محلية مليط بشمال دارفور محمد عثمان إبراهيم استقرار الأوضاع بالمحلية بعد الهجوم الذي تعرضت له المدينة مساء الخميس الماضي، وأضاف المعتمد في تصريح ل «الإنتباهة» أن عدد القتلى من المدنيين ثمانية بينما فقدت أربع أُسر منازلها بصورة كاملة بسبب الحريق، مبيناً عدم وجود أية حالة للنزوح من المدينة جراء تلك الأحداث. وعلى ذات الصعيد أبلغ مصدر طبي أن عدد الجرحى من المدنيين أكثر من عشرين مواطناً بينهم إصابات بالغة تم تحويل أربعة منهم للخرطوم وتحصلت «الإنتباهة» على أسماء القتلى من المواطنين بينهم أربعة من أسرة واحدة وهم: أم بريمة سليمان رحيح أحمد«80» سنة حي الثانوي عاصمة حميدة رابح «28» سنة حي الثانوي أم الطفلين محمد ومعزة. محمد أحمد إبراهيم «6» سنوات حي الثانوي. معزة أحمد إبراهيم «4» سنوات حي الثانوي، محمد يعقوب حسين يعقوب «17»سنة الحي الشرقي، حسين حسن عثمان «45» سنة ممرض بمستشفى مليط من قرية كتاب شكراء، حسن سليمان آدم سليمان «28» سنة حي غرونة، رقية إدريس محمد أحمد «27» سنة حي المرابيع .