عندما كان الناس يجرون ويتصايحون في شارع النيل في تلك الساعات المبكرة من الصباح.. الحرامي.. الحرامي.. لم يخطر بذهن أحدهم أنهم يطاردون حرامياً برمائياً.. فكل الحرامية الذين نعرفهم أو لم نعرفهم بعد هم مخلوقات أرضية تصلح للسطو من أرض لأرض أو من أرض لجيب أو من أرض لبيت أو دكان. ولكن الحرامي الذي كان يجري في شارع النيل في ذلك الصباح كان برمائياً. إذ أنه فاجأ مطارديه مفاجأة لم يتوقعوها، فقد قفز في النيل وسبح بعيداً عن المطاردين وبقي في وسط الماء وهو يسخر من أولئك المطاردين والذين هم غير برمائيين. ودار حوار بين المطاردين والحرامي البرمائي بطريقة سينمائية رائعة: فقد صاح احد المطاردين: يا زول أحسن ليك تطلع. ويجيب الحرامي: منو القال ليك أحسن لي؟ وأفرض أبيت ما أطلع؟ ويصيح ذلك الشخص: أبيت ما تطلع حنجي نطلع روحك. ويتكلم الحرامى بهدوء: طيب ما تجي تطلع روحي؟! ويتضايق الأخ ويصيح: بطل اللماضة وأحسن ليك تطلع .. والله يجيك تمساح ياكلك. ويتطوع أحد الواقفين وهو يقول: تمساح بتاع شنو؟ يا أخى ده ياكل عشرين تمساح شوفو عامل كيف.. ويصيح الشخص الاول: نحن خلاص عرفناك والله محل ما نلقاك نقبضك... ويجيب الحرامي: كويس بس إنت لما تلقاني بعدين اقبضني. ويتجمع آخرون بالقرب من النيل وقد ظن أحدهم أن هناك غريقاً: والله يا أخوانا اليومين دى الناس بقت تغرق ما عارف الحكاية شنو؟ ولكنه سرعان ما يكتشف أن الموضوع ليس فيه غرق وكل القصة أن هناك حرامياً داخل الماء ويقرر هذا الرجل حقيقة بديهية. طيب ما خلاص.. واحد ينزل ليهو يقبضو .. إنتو راجين شنو؟ ويهز الجميع رؤوسهم وهم يقولون: هيا زول .. منو البيقدر يخش في البحر دا عشان يقبض ليهو حرامي .. خش إنت!! واستمرأ الحرامي هذا المنظر فقد أخذ يسبح مبتعداً ومقترباً من الشاطئ .. وهو يغني: بقيت مسلوب الإراده وينفجر أحد الناس: شوف والله ما تطلع هسع اضربك بالحجر دا .. ويتناول حجراً ويقذف به بعيداً ولكنه يقع على أقل تقدير مسافة مائة متر من الحرامي ويستمر الحرامي في شدوه وغنائه: بقيت مسلوب الإراده ويصيح أحد الناس الواقفين: اسمع يا هوي .. خلاص نحنا مشينا.. يلا أطلع إنت براك .. يلا يا أخوانا زحوا من الحتة دي .. خلو الزول يطلع .. وأخذ يرجع الجماعة إلى الخلف وهو يقول لهم: زحوا شويه لورا وخليهو لما يفتكرنا مشينا ويطلع بعدين نقبضوا . ولكن الحرامي لا يقتنع فقد أخذ يقول: خلاص يلا ما عايز أشوف ولا زول هنا.. إنتو امشوا لشغلكم بعدين أنا بطلع براي .. ولو وقفتوا هنا لبكره انا ما بطلع.. هو في واحد لاقي يستحم مجاني في السخانه دي. وتتجمهر بائعات شاي ويصبحن جزءاً من المنظر العام.. ثم أطلقت إحداهن زغرودة مجهولة الهوية هل هي تتبع للحرامي أم للرجال الواقفين وصاح أحدهم: وإنتي هسع مع منو؟ وبتزغردي لمنو؟ أجابت: بزغرد يا خوي للمنظر العام.. عجبني وسر بالي: ومن هناك كان الحرامي يبشر: أبشري بالخير.. أبشري. وينظر الرجال بريبة: خلي بالك دي بتكون عرفتو.. هوي الزول دا بتعرفيهو؟ أعرفو من وين كمان؟... الله بيني وبين الشبك.. قال بعرفو قال. ويتدخل أحد ماسحي الأحذية وهو يقول: اسمع يا الحرامي هوي.. اطلع.. كان طلعت بنديك حاجه كويسة. وينفجر الواقفون .. حاجة كويسة بتاعت شنو؟ انت قايلو ده بينغش ليك دا حرامي محترف. ويغطس الحرامي لفترة وهو يستعرض مقدرته في السباحة ثم يظهر بعيداً عن المكان في الوقت الذي صمت فيه الناس لفترة. وتكلم أحد الناس واقترح: أيوه أحسن نجيب ليهو كيجاب.. وكأنما كان هذا الاقتراح عملياً فقد صاح الجميع: كيجاب جاك .. كيجاب جاك .. والأغرب من ذلك أن الحرامي اخذ يردد معهم: كيجاب جاك .. كيجاب جاك. وبعد مدة جاء رجال البوليس ووقف أحدهم وسط الناس وأخذ يوجه نداءه للحرامي: يا زول .. أحسن ليك تطلع والله ما تطلع هسع ننزل ليك نقبضك.. والحرامي يسبح بعيداً وهو يردد كيجاب جاك .. كيجاب جاك. آخر الكلام: يا صاحب السيارة الكورولا المظللة نهائياً.. أتذكر أنك كنت تقود سيارتك بالقرب من جدار المدرعات الشرقي وأنت تتخطى العربات عن يمينها بسرعة في شارع غير موجود أصلاً أثارت الرعب في الجميع، وذلك في الساعة السادسة وخمس دقائق يوم الأحد 16/3/2014م.. ألا تعلم أن التخطي من ناحية اليمين محرم في جميع القوانين الدولية؟ «وأحتفظ برقم السيارة».