لم تشفع كل الحروف التي كتبناها عن (حلايب) وكيف أنها أعيت كل الحكومات التي تعاقبت على حكم السُّودان منذ العام (1958م) وظلت معاناة أهلها (البشاريين) في تزايد مستمر فالدخول إليها عبر بطاقة (المثلث) وهي البطاقة التي تصر السلطات المصرية على أن تكون هي جواز سفر لمن يود الدخول لمثلث (حلايب) رغم أن أمد هذه البطاقة لا يسمح لحاملها بقضاء حاجته الاجتماعية أو التجارية والتي بسببها تكبد معاناة الدخول إلى مثلث (حلايب) وحين ينتهي أجل هذه البطاقة لا يملك من يود الرجوع سوى المغامرة في عودة محفوفة بالمخاطر بين الجبال والهضاب على ظهور الجمال وهي المغامرة التي بسببها مات الكثير من الرجال والنساء وقد بحت أصواتنا ونحن نستنهض همة الحكومة الولائية في البحر الأحمر وسكبنا الكثير من المداد من أجل أن تلتفت الحكومة الاتحادية لأهمية (حلايب) وتضع حلاً نهائياً لهذه المشكلة سواء أكان هذا الحل عبر الحوار والتفاوض مع الحكومة المصرية أو باللجوء إلى المحكمة الدولية والتي أنشأتها الهيئة الأممية من أجل مثل هذه القضايا، وأنا أكتب هذه الكلمات في حق (حلايب) اتصل بي من يقول (أوع تكتب عن حلايب تاني)! قلت له: ولماذا لا أكتب عنها؟ قال: بصراحة يا أُستاذ (حلايب دي مسكونة)! قلت له: أعلم أنها (مسكونة) ولكني أعلم أيضاً أن من يسكن فيها سواء أكان من الجن أو الإنس لا يملك حق السكن فيها! بورتسودان الثانوية الحكومية نجوم من نوع آخر؟ قلت في العدد السابق من (برلمان الشرق) أن دفعتي في مدرسة بورتسودان الثانوية الحكومية قد ضمت العديد من المشاهير ونجوم المجتمع واليوم نقف مع واحد من أبناء دفعتي بصفته علم في رأسه نار فليس هناك من ينكر المساهمة الضخمة التي أحدثها الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد في مسيرة الأغنية السودانية بل هو صاحب مدرسة متفردة تميزت بانتقاء الكلمات المعبرة والألحان الجميلة والأداء الطروب. لقد انحاز مصطفى سيد أحمد في معظم أغنياته لقضايا الغبش والمساكين وخاطب شرائح في المجتمع ما كان يحفل بها أحد بل وظف أغانيه لصالح مشروعات إنسانية غاية في الأهمية والاعتبار منحازاً بذلك لطبقات المجتمع الكادح النبيل وأنا حين ذلك يمر أمامي شريط من الذكريات فقد كتب أحد أبناء دفعتي على باب عنبر داخلية (أركويت) حيث كنا نقيم: غدار دموعك ما بتفيد في زول حواسو اتحجرت جرب معاك كل السبل