بينما من المنتظر أن يعقد ما يسمى ملتقى أم جرس دورة ثانية تشارك فيها القبائل الحدودية المتداخلة بين السودان والجارة الشقيقة تشاد خلال الفترة من 27 إلى الثلاثين من مارس الجاري، وذلك بعد أن عقدت الدورة الأولى لهذا الملتقى في أكتوبر 2013م الماضي برعاية من الرئيس التشادي إدريس ديبي ومباركة من نظيره السوداني المشير عمر البشير ولكن بمشاركة منفردة .. في تلك الدورة من جانب قبيلة الزغاوة المتداخلة في المنطقة الحدودية بين الأراضي السودانية والتشادية، فإن السؤال الذي يفرض ويطرح نفسه الآن هو هل يا ترى توجد فرصة هذه المرة لاستفادة الدورة الثانية لملتقى أم جرس من العلاقة الوثيقة القائمة بين الرئيس التشادي والزعيم القبلي للمحاميد الأبالة من قبيلة الرزيقات الشيخ موسى هلال، وهي العلاقة التي وصلت إلى درجة المصاهرة بينهما بحدوث الزواج بين رئيس الجارة الشقيقة تشاد وإحدى بنات الشيخ موسى هلال في يناير 2012م المنصرم. وتجدر العودة بناء على هذا إلى مواصلة الإشارة لما ورد في هذا الصدد وبهذا الخصوص في البحث العلمي للأكاديمي والكادر السياسي الفرنسي.. جيروم توبيانا على النحو الذي أشرنا له أمس حيث ذكر أنه في 19 فبراير 2011م سافر هلال إلى تشاد ضمن مجموعة ضمت 80 عضواً في وفد جاء لتقديم واجب العزاء في تلك الفترة للرئيس التشادي إدريس ديبي الذي توفيت والدته قبل أسبوع من ذلك التاريخ، وقد أخبرني موسى هلال عن ذلك بقوله: كان السبب وراء زيارتي لتشاد يعود ببساطة إلى أنه تجمعني علاقة طيبة مع الرئيس التشادي، وهي ليست علاقة سياسية فقط، بل علاقة مصاهرة لأن بيننا روابط عائلية من جهة أجداد الآباء. ويضيف الخبير الفرنسي في الشأن السوداني والتشادي د. جيروم توبيانا في بحثه الذي تم نشره في كتاب صدر عن مركز الجزيرة للدراسات في العام 2013م الماضي بمناسبة مرور عشر سنوات على الأزمة الراهنة والمتفاقمة في دارفور: أنه رغم أن هلال زعيم لقبيلة عربية إلا أنه يزعم أن لها جذوراً في قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها الرئيس التشادي إدريس ديبي، والتي تقيم على جانبي الحدود السودانية التشادية، وعلاوة على ما سبق تنسب برقية مسربة في وثائق ويكيليكس الأمريكية إلى موسى هلال قوله: ليس هناك من زعيم سياسي أجد نفسي قريباً منه وأشعر تجاهه بأكبر قدر من الإعجاب مثل الرئيس التشادي إدريس ديبي. ويشير د. جيروم توبيانا إلى أنه في يناير 2012م توثقت الروابط التي تجمع موسى هلال بالرئيس التشادي بعد زواج الأخير من ابنة الشيخ موسى، وقد تم توجيه اللوم إلى ابراهيم قمباري رئيس بعثة القوات الدولية المشتركة بدارفور «اليوناميد» في تلك الفترة لحضوره حفل الزفاف المشار إليه في ذلك الحين، وحسب وسائل الإعلام فقد تلقى موسى هلال مهراً كبيراً لابنته بلغ نحو «25» مليون دولار، بينما قالت المصادر التشادية إنه أقل من مليون دولار أمريكي. ويشير الباحث الأكاديمي والكادر السياسي الفرنسي، الذي اكتسب خبرة من العمل في الشأن الإنساني بكل من السودان وتشاد، إلى أن الرئيس ديبي كان قد وجه في وقت سابق الدعوة إلى موسى هلال ورفاقه لزيارة تشاد عام 2010م من أجل التشاور مع متمردي دارفور دون علم الحكومة السودانية، ويضيف أنه منذ عام 2005م كانت معظم أسفار موسى هلال إلى دول الجوار تهدف على ما يبدو إلى إجراء حوار مع المتمردين ومثله مثل غيره من زعماء القبائل العربية في دارفور فقد كان موسى هلال يعمل بشكل مستقل عن حكومة السودان، وعلى سبيل المثال فقد كان هؤلاء الزعماء والمسلحون يستخدمون السلاح المقدم لهم من حكومة السودان لتحقيق مصالحهم الخاصة قبل مصلحة الخرطوم. ومن بين ما شملته تلك المصالح الخاصة، القتال ضد بعضهم البعض بدلاً من الهجوم على المتمردين والتجمعات المتهمة بدعم حركة التمرد في دارفور، فمنذ عام 2006م وبصورة أكبر في عام 2013م كانت أكثر النزاعات دموية في دارفور قد وقعت بين القبائل العربية، وانخرط فيها مقاتلون من قوات حكومية شبه عسكرية ويتفق زعماء التمرد على أن هلال بوسعه أن يلعب دوراً في عملية السلام إذا ما سمح له بالسفر والتنقل بحرية، وقد حرص هلال على المشاركة في أية محادثات للسلام، وخاصة تلك التي عقدت منذ عام 2009م في الدوحة.