في عام «1988» جاءني أحد معارفي لا أذكر اسمه الآن يعرض عليَّ شراء خيمة من تلك التي وزعت لإغاثة المنكوبين. وقال إنها وزعت لهم لأن منزله انهار بسبب السيول والأمطار، وإن كنت لا أثق في حديثه رفضت فكرة الشراء ابتداء، والذي أعاد لي هذه الذكرى القديمة هو تقرير المراجع القومي بولاية الخرطوم الذي قدمه في المجلس التشريعي للولاية عن الأداء المالي للعام 2012م في معرض حديثه عن توزيع الإغاثة إبان فترة الخريف، وبالرغم من أن التقرير لم يوضح اختلاسات في مواد الإغاثة، لكنه أشار بحسب صحيفة «السوداني» إلى أن بعض المواد لم يتم إدخالها مخازن المحلية وتم صرفها خارج المخزن، وبعض المواد وزعت لغير مستحقيها «يعني يمكن مشت لناس صاحبنا بتاع الخيمة». كما أشار التقرير إلى وجود مواد غذائية بمخازن محلية كرري لم يتم توزيعها للمتضررين من السيول والأمطار شملت: بلح وعجوة وفول مصري وأرز وعدس وغيرها. «راجين بيها شنو؟ الخريف التاني جاء» إضافة إلى مراتب أسفنج ومخدات وجرادل كلها لم تسلم للمتضررين، كذلك أشار التقرير إلى أداء ديون الزكاة بولاية الخرطوم ونوه إلى عدم وضوح بعض البيانات اللازمة بالدقة المطلوبة بالمجموعة الدفترية وتنزيلها بقلم الرصاص ببعض المحليات مما يعد مخالفة للوائح والقوانين وتسهيلاً للتلاعب والتزوير «طبعاً القانون خائف من الإستيكة»، كما أشار التقرير إلى عدم إرفاق المستندات الأصلية عند الصرف، كالفواتير النهائية أو كشوف التوقيعات لاستلام الزكاة «اللوائح طبعاً بتخاف من حكاية الفوتو كوبي في غياب الأصل»، بيد أن أطرف ما جاء في تقرير المراجعة بالولاية بحسب ما أوردته الصحيفة نقلاً عن التقرير، هو شراء وزارة المالية بالولاية «500» مريلة بمبلغ «250،146» جنيهاً ما يعادل «250» جنيهاً للمريلة الواحدة «باين عليها مريلة مكرَّبة»، واعتبر التقرير أن شراء المرايل لم يكن ضرورياً في ظل مرحلة الطوارئ، وكان من الأجدى أن يوجه للجهات المتضررة من السيول والأمطار. صاحبنا الترزي عبد السميع عندما علم بحكاية المرايل المليونية قال: «عليَّ الطلاق لو جيتوني كنت لبست عمال الإغاثة مرايل دمورية مجيهة وملونة وفيها كمان طباعة اسم المحلية، أنا عارف حكاية الاسم دائماً مهمة عند الجماعة ديل عشان كده بعمل شعار برضو ملون فيه شعارات تنفع مع ناس الحلاقيم الكبيرة لو عايزين يحتفلوا بيه، وحأفصل مع المريلة طاقية خفيفة وجميلة وبلون أخضر لكن ما زي بتاعة ناس الكتاب الأخضر، وبرضو بعملو ليهم شعار لكن فيه المرة دي مشروع هتاف خفيف، لكن ما بعمل جيب عشان الشبهات وما يقولوا بتاعين نظرية المؤامرة ويظلموا العمال ويتهموهم بأنهم لهفوا حاجات الإغاثة في الجيب، ودي كلها بعملها بتمانين جنيه بس»، لكن أبو لبض قال: «يا خوي مريلة شنو كان رخيصة ولا غالية ما في لزوم ليها ما في داعي يلبسوا أي لبس ما كفاية إنو العربات البيجو بيها بتاعة الدعم معلقين فيها لافتات قماش كلها فيها اسم الجهة والشعارات، وكمان أظنهم يكونوا مركبين فيها مكرفون ماكن للعلعة، وكمان ما تنسى إنو قافلة الدعم دي ما بسلموها كده حاف لازم بتكون في خطب متبادلة وشكر وتصوير تلفزيوني وصور فوتغرافية وعرضة قوية، يعني الحكاية باختصار ما محتاجة لحكاية المرايل دي أصلاً»، هنا يضحك الجميع ويصاب حاج عثمان بنوبة ضحك ثم يعدل من وضع طاقيته ويقول: «الله يجازيك يا أبو لبض التقول إنت بتباري الجماعة ديل من زمان».