نقرأ في كتابات الأخوين عماد وعلاء في بعض أجزاء كتابهما المحنة «آذان الأنعام» عبارات توحي إليك بأن للأخوين إيماناً كإيمان العجائز. ثم لا يلبث الأخوان أن يفسدا عليك فرحك هذا بهرطقات بلا حجة ولا شاهد ولا دليل.. أي بلا عقل ولا دين. يتفقان إيماناً في شرح خلق آدم وخلق عيسى وأن الله إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.. وأن الخلق سواء أكان مباشراً من الطين كحالة آدم، أو إن كان عن طريق المخاض والولادة كحالة عيسى عليه السلام.. فكلاهما خاضعان لقوله جل وعلا «كن فيكون». ثم نصدم عندما نكتشف أن إسهابهما في عرض القصتين: قصة خلق آدم وقصة خلق عيسى إنما أريد به الزعم بأن آدم الذي نوَّه القرآن باسمه ليس هو آدم الذي خلق خلقاً مباشراً من الطين، أو أن آدم الذي نوه به في التنزيل، هو آدم آخر خلق كخلق عيسى عليه السلام أي أنه أيضاً ولد ولادة طبيعية حملت به أمه ثم وضعته جنياً. يقول الكتاب ص «59» من الطبعة الإلكترونية: معلوم أن عيسى خلق من تراب وطين وتكون منه جنين في رحم أمه كسائر البشر كما شرحنا في «قصة الخلق» ولكنه لم يبن من طين في هيئة كاملة وهذا أمر شهده الناس ووصفه القرآن في وصف الحمل والمخاض.. وبالتالي فإن علاقة آدم بالتراب «يمكن» أن تكون شبيهة بعلاقة عيسى به، بمعنى آخر أن هذا التمثيل يمكن أن يكون دليلاً قاطعاً على أن آدم خلق من مكونات التراب والطين بقانون التطور الذي قدره الله لخلق كل البشر، ومن بينهم عيسى الذي خلق من غير أب.يذكرني أسلوب الأخوين في الاستدلال والاستشهاد بأسلوب الروافض الذي يعتمد الظن والرأي والتوليد. تصورا في مجال البحث في كيفية بداية خلق الإنسان يأتي عالم أو متعالم فيورد هذه العبارة «إن هذا التمثيل يمكن أن يكون دليلاً قاطعاً على أن آدم خلق من مكونات التراب» يعني مثل خلق عيسى عليه السلام!! هل هذا كلام علماء؟! هل هذا كلام عقلاء كيف يكون الدليل ظنياً وقطعياً في آن واحد؟! يمكن أن يكون الدليل الظني قطعياً إذا أسند بدليل آخر غيره ومن خارجه على صحة تفسيرنا إياه.. أما مجرد أن ذلك ليس مستحيلاً فإن ذلك قطعاً لا يكون دليلاً قطعياً. وأن القطعي في التشابه بين آدم وعيسى عليهما السلام أن كل واحد منهما خلق بلا أب.. هذا قطعي.. وأن الله في قدرته أن يخلق ما يشاء كيف يشاء ومن يشاء. إن الله جل وعلا يقول: «إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون». إن الآية جعلت آدم هو الأصل وعيسى هو المثال، لتقول لمن أنكر خلق عيسى بلا أب، أن الله قادر على أن يخلق بلا أب ولا أم، وها هو آدم أبو البشرية خلق من طين ونفخ فيه الروح، فلماذا تنكرون على الله أن يخلق عيسى من رحم أمه بلا بويضة ذكر تلقحها ويقول له كن فيكون؟! إن آدم المثال الأصل والأنموذج الذي يوضح حقيقة الخلق، خلق من طين ونفخ فيه الروح وعلم الكلمات وأوحي إليه. وهذان الفتيان يريدان أن يلزما ربهما بما لا يلزمه وإلا كان ذلك طعناً في قدرته وإرادته ومشيئته بل وفي عدله.. إن الله لا يلزمه أن يترك آدم ملايين السنين ليتطور تطوراً طبيعياً بفعل مكابدة الطبيعة وتعلم الصواب من أخطائه.. وهلم جرا.. إن هذا لا يلزم والسياق لا يدل عليه.. بل يدل على أنه تعلم الأسماء قبل أن يهبط إلى الأرض وذلك إفحاماً للملائكة الذين عجبوا من خلقه وجعله خليفة لله في الأرض. إذا كان عنوان هذا الفصل الذي نتحدث عنه في كتاب آذان الأنعام عنوانه الحلقة المفقودة فليبحث الأخوان عنها في مكان آخر. إن الحلقة المفقودة في نظرية دارون هي التي تصيب النظرية في مقتل.. ليس هناك إنسان قبل آدم وحكاية تطور الإنسان من بشر غير عاقل إلى إنسان سوي عاقل قابل للتكليف إنما هي تخرصات عقول مريضة ونصوص القرآن تكذبها.