فتحية موسى السيد: في خطوة مفاجئة تأكدت مشاركة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن عبد الله الترابي في أعمال ملتقى أم جرس الثاني، وعلمت «الإنتباهة» أن « الترابي والمهدي» تلقيا دعوة من الرئيس التشادي إدريس دبي للمشاركة في الملتقى، في وقت أجرى فيه مقرر لجنة ملتقى أم جرس والقيادي بالمؤتمر الوطني حسن برقو اتصالات مباشرة مع الزعيمين بغية مشاركتهما في الملتقى، لكن لم يشارك المهدى نسبة لعدم وجوده داخل البلاد، لكن السؤال الذى يطرح نفسه بقوة لماذا شارك الترابى فى هذا الملتقى؟ وهل الحوار الوطنى هو الدافع أم هناك تقاطعات مشتركة تتعلق بحقائق بعيدة المدى حول علاقة د. الترابى، أى المؤتمر الشعبى وحركة العدل والمساواة المتمردة وهى حركة تم تكوينها في نهاية التسعينيات من القرن الماضي في الخرطوم قبل المفاصلة التي شقت الحركة الإسلامية إلى شقين وطني وشعبي،و تلاقت مجموعة من الإسلاميين من أبناء غرب السودان بحجة أن دارفور مهمشة ولم تنل حظها العادل في التنمية والمشاركة السياسية المستحقة، وكان «عرّاب الإنقاذ» يومئذٍ د. حسن الترابي على علم دقيق ومتابعة وحوار مع هذه المجموعة، ولكن ضاعت فرص الاحتواء لهذه المجموعة بعد المفاصلة الشهيرة عام 1999م بين الترابي والبشير، ويرى البعض أن هذه المجموعة انحازت إلى «المؤتمر الشعبي» الذي يتزعمه د. الترابي وأن لم تعلن ذلك صراحةً، وحدثت ملابسات عديدة حينها ادت الى خروج رئيس الحركة من البلاد والتحاقه باحدى الجامعات الاوروبية، لكنه فى ذات الاثناء بدأ في تكوين خلايا سرية لحركته في الداخل والخارج، وعندما اندلعت الحرب في دارفور في عام 2003م وظهرت حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، ومني أركو مناوي في دارفور، لم تتوقع الحكومة انضمام حركة العدل والمساواة لباقى المتمردين فى دارفور، حيث ظلت الحكومة وأجهزتها الإعلامية والأمنية تطلق على فصيل العدل والمساواة صفة الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، وتقول الحكومة إن المؤتمر الشعبي يمثل الجناح السياسي لحركة العدل والمساواة، ولم ينف الحزب ولا الترابى صلته بحركة العدل والمساواة. وفي سبتمبر 2002م شهدت البلاد ما أعلن عنه باسم المحاولة التخريبية الأولى التي تورطت فيها مجموعة من العسكريين والتخطيط لتنفيذ انقلاب عسكري وأشاروا إلى إنهم عقدوا عدة اجتماعات بأحياء المنشية، وفي عام 2004م اشتركت حركة العدل والمساواة في عملية ومخطط تخريبي لذات الهدف «الإطاحة بالنظام الحالي» وظلت الحكومة تتهم حزب المؤتمر الشعبي بأنه يقف وراء هذه الأحداث، ثم جاءت أحدث الهجوم على مدينة أم درمان عام 2008م، حيث أعلنت الحكومة عن وثائق ومستندات تورط قيادات من حزب المؤتمر الشعبي في ذلك الهجوم، بالإضافة إلى اعترافات بعض الذين شاركوا في الغزو وتم القبض عليهم، الأمر الذي دفع السلطات الأمنية إلى اعتقال الترابي وبعض قيادات حزبه. وربما ما قاد الى اثبات جملة هذه الاتهامات لشخص الترابى وحزبه تصريحاته المتكررة فى عدة منابر على انه قادر على حل قضية دارفور في ساعة واحدة او فى يوم واحد حسب ما ذكره المحلل السياسى بروف الساعورى ل «الإنتباهة» قائلاً: الآن تقاربت المسافات بين الوطني والشعبي وجرت تفاهمات في السر والعلن، وتبدلت لغة الإقصاء والوعيد والتهديد إلى لغة قبول من الوطني بالشعبي ومن الشعبي للوطني ولم يبق شيء سوى تنفيذ تلك التصريحات من قبل الترابى و «البيان بالعمل»، وقال إن الترابي لا يستطيع نفي علاقته بالعدل والمساواة والكل يعلم ذلك جيداً، وطالما يوجد لديه نفوذ قوي على الحركة فيجب عليه الآن ممارسة نفوذه عليها وتنفيذ الوعد الذى صرح به، وقال الساعورى إن العلاقة بين المؤتمر الشعبي وحركة العدل والمساواة واضحة يعرفها الجميع. والمحللون السياسيون يسوقون عدة شواهد تدل على هذه العلاقة، نذكر منها على سبيل المثال أن د. الترابي هو أول من سارع إلى منزل خليل فور تأكده من مصرعه، فكيف يفسر ذلك؟ ميبناً أن الترابي وفق هذه المعطيات باستطاعته حل وانهاء ازمة دارفور خلال «24» ساعة كما ذكر فقط من خلال جلوسه مع العدل والمساواة، لكن الساعورى استدرك قائلاً: لكن هل العدل والمساواة هى الحركة الوحيدة المتمردة ؟ مشيراً إلى وجود حركتين لهما التأثير الكبير فى دفع عملية السلام بدافور، وهما حركة عبد الواحد محمد نور وحركة تحرير السودان بقيادة منى أركو مناوى الذى قاد أكبر عمليات هجوم فى شمال دارفور فى الفترة الماضية، مبيناً أي الساعورى أن علينا الانتظار لما سيفعل د. الترابى من خلال مشاركته فى ام جرس؟ وهل سينجح في ما فشلت فيه جهات أخرى ومنابر خارجية؟ ولا نملك سواء الانتظار لأن البيان بالعمل كما أسلفت.