في الأول من ابريل كل عام تحدث مواقف كثيرة معظمها طريفة وبعضها محزن جدا جراء كذب الناس في مثل هذا اليوم. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه دائما: لماذا الكذب في أول ابريل وما اصل هذه الكذبة المنتشرة في غالبية دول العالم (حتي العربي) باختلاف ألوانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم؟؟ ذهبت أغلبية اراء الباحثين على ان "كذبة ابريل" تقليد أوروبي قائم على المزاح يقوم فيه بعض الناس في اليوم الأول من ابريل باطلاق الشائعات او الأكاذيب ويطلق على من يصدق هذه الشائعات اسم "ضحية كذبة ابريل". حيث أصبحت عادة المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في أول ابريل رائجة في فرنسا أولا ومنها انتشرت الى البلدان الأخرى، وانتشرت على نطاق واسع في انجلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي، ويطلق على الضحية في فرنسا اسم (السمكة) وفي اسكتلندا (نكتة ابريل). وهناك بعض الباحثين في اصل الكذبة يرون آراء أخري. وكذبة اول ابريل تساوي بين العظماء والصعاليك وبين الاغنياء والفقراء .. فقد حدث أن كان كارول ملك رومانيا يزور احد متاحف عاصمة بلاده في اول ابريل فسبقه رسام مشهور ورسم على ارضية احدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة، فلما رآها الملك أمر احد حراسه بالتقاطها فانحني الحارس على الأرض يحاول التقاط الورقة المالية الأثرية ولكن عبثا. وفي سنة أخرى رسم الفنان نفسه على ارض ذلك المتحف صورا لسجائر مشتعلة وجلس عن كثب يراقب الزائرين وهم يهرعون لالتقاط السجائر قبل ان تشعل نارها الأرض الخشبية.!! كما حدث ان نشرت إحدى الصحف الرومانية خبرا جاء مفاده ان سقف احدى محطات السكة حديد في العاصمة هوي على مئات من المسافرين فقتل عشرات وأصاب المئات باصابات خطرة. وقد سبب هذا الخبر المفزع هرجا وذعرا شديدين وطالب المسؤولون بمحاكمة رئيس تحرير الصحيفة .. فتدارك الأخير الموقف بسرعة وبذكاء فأصدر ملحقا كذب فيه الخبر وقال في تكذيبه (كان يجب على المسئولين قبل ان يطالبوا بمحاكمتي ان يدققوا في قراءة صدور العدد الذي نشر فيه هذا الخبر، فقد كان في الاول من ابريل) ومن يومها دأبت الجريدة على نشر خبر مماثل في اول ابريل من كل عام. ومن اشهر الأكاذيب التي عرفها الشعب الانكليزي هذه الكذبة التي جرت في اول ابريل عام 1860 .. ففي هذا اليوم حمل البريد الى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تحمل في طياتها دعوة كل منهم الى مشاهدة الحفلة السنوية "لغسل الاسود البيض" في برج لندن في صباح الاحد اول ابريل مع رجاء التكرم بعدم دفع شيء للحراس او مساعديهم، وقد سارع جمهور غفير من السذج الى برج لندن لمشاهدة الحفلة المزعومة حيث لم يجدوا شيئا. وبما ان الكذب حالة نفسية ترتبط بالجانب العاطفي أكثر من ارتباطها بالجانب العقلاني فقد لوحظ ان المرأة اكثر كذبا من الرجل، كما تلجأ إليه في حالات الضعف القصوي، وهذا ما أدي لجلب كثير من المأسي لبعض الناس، فقد حدث ان اشتعلت النيران في مطبخ احدى السيدات الانكليزيات في مدينه لندن فخرجت الى شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدة السيدة المسكينة احد اذ كان ذلك اليوم صباح اول ابريل. أما الفنانة صباح فقد ابتكرت نهجا جديدا في عالم الشائعات بغاية لفت الانتباه الى شخصية معينة أو حدث ما عن طريق فبركة من الألف الى الياء بأسلوب إعلامي يسهم أكثر في توسيع دائرة انتشار كذبة أبريل .. والكذبة التي يبدو أنه طاب للفنانة صباح أن تشيعها تتعلق بزيجة جديدة وعريس جديد وتتعلق بأبيض الزفاف الذي قيل ضمن الشائعة أن الفنانة سترتديه للمرة الأولى في الواقع كونها لم ترتديه في زيجاتها السبع السابقة. وحين نشر عدد المجلة المتصدر غلافها صورة الفنانة مع زوجها الجديد على أنهما دخلا القفص الذهبي وهي تتجاوز الثمانين من العمر كان عامل تصديق الخبر لا مجال للشك فيه فالصور المنشورة ضمن الحوار كانت حية صورها مصور المجلة وليست عبارة عن صور ممنتجة ملصقة بإسلوب الفوتوشوب .. وصار الجميع يتداول الصور عبر النت وفرقعت الشائعة وأثلجت صدر الصبوحة فكذبتها البيضاء والملطفة آتت أكلها .. ولم تحاول هي من جانبها تكذيب الخبر. هذه بعض الكذبات المشهورة في القرن الماضي .. إلا أن كذبة ابريل لم يعد لها بريق كما كان سابقا .. والسبب ان الكذب اصبح أصلا، بينما الغريب ان يكون الشخص صادقا فيما يقول .. ونقترح ان تتحول الفكرة إلي (حقيقة ابريل) بدلا عن كذبته .. عموما حاولنا نشر كذبة بين طيات صفحات ام دفسو لهذا الاسبوع نترك للقارئ اكتشافها بنفسه.