ما بين فتور وتوتر عارض في وقت سابق، تلك هي السمات الرئيسة للعلاقة بين الشقيقين السودان والمملكة العربية السعودية، لكن بصفة عامة فإن العلاقة بينهما تعتبر علاقات متميزة، بل أن السعودية من أوائل دول الخليج التي هاجر إليها السودانيون للعمل منذ ستينيات وسبعينات القرن الماضي.إلا أنها في الفترة الأخيرة شابها شيء من البرودة، أو ربما التوتر المكتوم ،تساؤلات كثيرة حول مستقبل هذه العلاقة؟ وما الذي يترتب عليه، وكيف يمكن للخرطوم أن تستخدم دبلوماسيتها لتلعب بذكاء حتى تحقق الموازنة، بين علاقتها بإيران و علاقتها بدول الخليج عموماً، والسعودية على وجه الخصوص. وتعتبر السعودية من أوائل الدول التي زارها الرئيس، بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية واستقبلته متحدية بذلك المجتمع الدولى ، إضافة إلى حجم الاستثمارات السعودية في السودان، والتي قفزت بحسب الوزير بالمجلس الأعلى للاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل، إلى نحو «11,4» مليار دولار خلال الفترة من 2000 2011 من أصل «28» مليار دولار استقطبها السودان في ذات الفترة، استثمرت جميعها في «590» مشروعاً سعودياً، في مختلف القطاعات الصناعية والتعدينية والزراعية .فالمتتبع لتلك العلاقة يجد أن ممارسة نوع من الضغوط من قبل السعودية تجاه السودان، برزنت بعد وصول البوارج الإيرانية لميناء بورسودان، وبعدها منعت طائرة الرئيس عمر البشير عبور الأجواء السعودية، كذلك أوقفت المملكة كل مساعداتها المالية للسودان، وتؤكد مصادر أن الخارجية السعودية، رفضت كل الطلبات المقدمة من الخارجية السودانية لترتيب لقاءات مسؤولين ،إضافة إلى الحملة التي قادتها السعودية تجاه العمالة السودانية، في المملكة و كان الإجراء يستهدف غير المقيمين، أو من تصنفهم السعودية بأنهم أخوان مسلمين ، وكان آخرها القرار الرسمي من المملكة، بوقف كل التعاملات البنكية بين البلدين، و هذا يعني وقف جميع التعاملات المالية و التجارية بين البلدين، بما فيها الاستثمارات السعودية في السودان. مسار العلاقة بين البلدين حتى الآن وفق المعطيات يبدو أن تحسنها في الوقت الحالي، يحتاج إلى جهد دبلوماسي كبير وإلى تحولات ملموسة على الصعيد السياسي، في اتجاه التحفظات السعودية نحو السودان، وتوضح تقارير أن السعودية لها مواقف واضحة تجاه تنظيم الأخوان المسلمين، خاصة بعد موقفها الواضح تجاه أخوان مصر، الذين تصنفهم بأنهم جماعة إرهابية، وتؤكد مصادر أمنية أن هناك تنسيقاً سعودياً أمريكياً، حول مستقبل الأخوان المسلمين في المنطقة ، وفي حوار مع الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السابق مع جريدة السياسة الكويتية، قال إن كل الأزمات التي تمر بها المنطقة، و العنف المنتشر هو من أفعال جماعة الأخوان المسلمين في المنطقة، و قال إن المملكة رغم أنها قد آوتهم و قدمت لهم الملاذ بعد ما اضطهدتهم دولهم، و عذبتهم و شردتهم، لكنها لم تجد غير نكران الجميل، و قال إن قيادات الأخوان مثل الدكتور حسن الترابي و راشد الغنوشي ، نجم الدين أربكان قد وقفوا مع طغيان صدام و احتلال الكويت، عام 1991، و ظلوا يمارسون العداء ضد المملكة، و سخّروا إعلامهم و مقالاتهم ضدها.إذاً حديث الوزير السابق يؤكد أن موقف السودان في حرب الخليج لا يزال محفوراً في ذاكرة القيادة السعودية، على مختلف مستوياتها . الخبير في الشأن الدولي عباس محمد إبراهيم، أكد خلال حديثه ل«الإنتباهة»، أن العلاقة بين البلدين ظلت متأرجحة وذلك لعدة عوامل، أبرزها الضغوط الاقتصادية من قبل الولاياتالمتحدة، كذلك العلاقة بين السودان وإيران، إضافة إلى الدعم أو التأييد لجماعة الإخوان المسلمين، ما حدا بالمملكة أن تنتقد أي تقارب أو تأييد للإخوان . حديث إبراهيم يؤكد صحة تقارير سعودية، تحدثت عن مواقف السعودية تجاه حكومة الإنقاذ، فمن الواضح أن السعودية لم تغير مواقفها تجاه البشير، إذ أنه ظل يزورها باستمرار ويعبر أجواءها دون اعتراض .لكن ظلت الرياض تعترض على زيادة التقارب بين الخرطوم وطهران.إلا أن الحكومة قد أوضحت، أن علاقاتها بإيران ليست موجهة ضد أحد، خاصة دول الخليج العربي وإنها تطمح إلى علاقات إستراتيجية مع إيران .وإن كانت السعودية قد اعتبرت، أن موقف السودان هذا يؤكد وجود هذه العلاقة مع إيران التي تثير غضب الرياض. ووضح ذلك حينما منعت السعودية طائرة الرئيس البشير عبور أجوائها في طريقه لإيران. يمكن أن يكون أحد الأسباب التي أغضبت المملكة، خاصة بعد أن سمح السودان ل«سفن إيرانية» بأن ترسو في أحد الموانئ السودانية. على كل تبقى علاقة الخرطومبالرياض لا تشوبها أية شائبة، سوى علاقة السودان بإيران والتي تراقبها السعودية ودول الخليج عموماً، وإن كانت الحكومة قد أقرت بوجود توتر بين البلدين، بعد قرار السعودية الرسمي بإيقاف التعامل المصرفي معها في شهر مارس المنصرم، لكن ظلت الحكومة تطلق تصريحات بمثابة تهدئة للحد من أي توتر، ربما يؤدي إلى زيادته، وقد يصب في صالح جهات ودول لها مصلحة في ازدياد هذا التوتر. فقد قال القيادي بحزب المؤتمر الوطني نافع علي نافع، إن ما أثير مؤخرًا حول قطع السعودية علاقاتها مع السودان، بأنها أماني يتمناها الكثيرون للسودان، وأن الاعتقاد بأن السعودية تقاطع السودان يعود لأماني يتمناها الكثيرون للسودان، تلك أمانيهم وأماني أهل الكتاب.إذاً إلى أين يمضي مسار العلاقة بين بلدين كانا في وقت سابق إخوة وأشقاء، إلا أن المواقف السياسية بين البلدين خلقت جفوة وفتوراً في العلاقة، جعل من مستقبلها لا يبدو واضح المعالم، ربما على الأقل في الوقت الحاضر.