في مثل هذه الأيام من العام الماضي كنت في مهمة صحفية لتغطية فعاليات مهرجان كسلا السياحي الأول، الذي كان برعاية وتشريف مساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع، وحشدت حكومة الولاية في ذاك العام كل إمكانياتها ومبدعيها للمشاركة في ليالي المهرجان، وعلى شرف ذلك المهرجان التقيت ومعي عدد من الزملاء بوزيرة الإعلام فائزة كفوي، وناقشناها في خططهم لجعل كسلا قبلة للزائرين من خارج حدود الوطن، وذلك باعتبار أن أرض القاش كانت قبلة لأهل السودان من مختلف ولاياتها، وذلك لما لها من سحر أخاذ وجمال طبيعي، خاصة في فصل الخريف، حيث جريان القاش والخضرة التي تكسو المكان، فذكرت لنا أن أول برنامج سيتم تنفيذه هو إضاءة التاكا، ومن ثم السعي لإنشاء فنادق خمس نجوم لاستقبال السياح من جميع أنحاء العالم، وغيرها من المشاريع التي وضعتها وزارة الإعلام من أجل الارتقاء بالعمل السياحي في الولاية، وقبل أيام قلائل كان ختام المهرجان الثاني للسياحة والثقافة بالولاية، وعلى الرغم من المشاركة الواسعة من خلال المعارض التي شاركت في هذا المهرجان، لكننا لم نجد إضاءة للقاش ولا فنادق خمس نجوم، بل لم نجد تغييراً يُذكر في كسلا سوى مباني أمانة الحكومة الجديدة والمستشفى العسكري وغيرهما من المنشآت التي افتتحها رئيس الجمهورية قبل المهرجان بأيام معدودة، ولم استغرب كثيراً لعدم إنجاز ما ذكرته الولاية، لأنني أعلم جيداً ما هي نظرة الدولة للسياحة، وكيف تتعامل مع هذا الرافد الاقتصادي المهم جداً إن اُستغل بالصورة المطلوبة فلا يمكن أن تتطور السياحة في بلادنا والقائمون على أمرها مكبلون بالقوانين المتداخلة التي تجعل السائح يهرب بعيداً، ولا يعقل أن تتطور السياحة والبعض ينظر لها على اعتبار أنها شيء هامشي لا يستحق الصرف والتدريب والاهتمام، ولا يمكن أن تتطور السياحة والبنيات التحتية تحتاج للكثير من العمل. إن جميع الدول المتقدمة في هذا المجال صرفت الكثير من الأموال في البنيات التحتية من طرق وفنادق ومنتجعات سياحية، ونجحت في ذلك لأن الدولة تنظر لها بوصفها مصدر دخل مقدر، ولكننا في السودان نهمشها كما نهمش الزراعة، والسودان من الدول التي تمتلك أراضي خصبة بمساحات كبيرة، فهل تتحول كسلا لمنتجع سياحي بجمالها وآثارها وقاشها في العام المقبل؟ هذا ما يرجوه مهتمون بالسياحة بالولاية، ونحن كذلك، ونرجو أن يأتي العام المقبل ونشاهد مهرجاناً ثالثاً بمشاركة سياح من مختلف أنحاء العالم.