لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    بعد اجتماعه مع أسامة عطا المنان…برهان تيه يعود من جدة ويشيد بتجاوب رئيس لجنة المنتخبات الوطنية    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    دبابيس ودالشريف    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهجَّرو سد مروي.. عِبر ومشاهد «5»

«جوع، عطش، استنجاد بالزكاة، لدغات عقارب، عطالة، هجرات عكسية، تشرد».. ما سبق ليس إلا ملخصًا مختصرًا جدًا لحال مهجّري سد مروي في كل من الحامداب الجديدة والقديمة وفي أمري الجديدة والقديمة وفي مناطق المناصير أو ما يعرف بالخيار المحلي، سادتي القراء لا أريد نحن «معتز وباعو»
أن نؤثر على حكمكم أو نستعطفكم من أجل خدمة قضية نحن لسنا مستفيدين منها أو لنا علاقة بها إلا من خلال ضميرنا المهني أو من خلال أمانة حمّلنا الله إياها، وهي أن نعكس فقط ما رأينا دون تحيز لجهة دون الأخرى، فنحن كغيرنا سمعنا أن المهجرين قد تم منحهم مناطق أشبه بالجنة أو أجمل وأنه قد تم منحهم التعويض المجزي، وهذا الاهتمام كان على مستوى عالٍ جدًا فرئيس الجمهورية أكد ذلك في أكثر من مناسبة، فعلى الرغم من أهمية سد مروي الإستراتيجية التي لا يُختلف فيها سواء كان من المهجّرين أو أي جهة أخرى، وهذا للأمانة ما لمسناه من المهجرين في مناطقهم والذين تحدثوا لنا بكل أمانة أن كل مطالبهم تتلخص في أخذ الحقوق المتفق عليها وفق الاتفاقات الموقَّعة بينهم وبين الجهة المسؤولة من عمليات التهجير وفق تفويضها الممنوح لها.. من خلال رحلتنا هذه التي عانينا فيها ما عنينا ليس لشيء إلا خوفًا من الله وسعيًا وراء الحقيقة المجردة، فركبنا خلال خمسة أيام كل أنواع المركبات الممكنة التي يمكن أن تتصورها أيها القارئ من «بكاسي ولواري وقوارب صيد» وحتى التي لا تستطيع أن تتخيلها من دواب ومشي بالأقدام لمسافات طويلة جدًا،رحلة استمرت خمسة أيام إلا أنها في مقدار عنائها بمقدار ألف عام أو يزيد، طفنا فيها على أراضٍ زراعية غطّاها الزحف الصحراوي والعُشر في الحامداب والعطش، وطُفنا في مناطق تفتقر حتى لمياه الشرب حيث لا توجد مياه إلا من خلال ترعة يشربون فيها هم ودوابهم، ومشينا معهم مسافات طويلة للوصول لحواشاتهم تصل ل17 كلم في قرى امري الجديدة، وذهبنا لأمري القديمة في رحلة محفوفة بالمخاطر حدث لنا فيها ما حدث من وحل في الرمال ،وصعاب عديدة في الطريق غير الممهد ولاعنًا فيها ما يحدث هناك من ترحل حسب ارتفاع أو انخفاض البحيرة أضف لذلك معاناة مع العقارب والتي أودت بحياة عدد من الأطفال والكبار فظللنا ليلنا كله في حالة من الرعب ونحن نتخيل كل ما يتحرك قربنا على أنه عقرب ولك أن تتخيل معاناة الأهل هناك إذا كانت معاناتنا لليلة واحدة مثل ما رويت، وقطعنا بعد ذلك بحيرة بطول 168 كلم للوصول لمناطق المناصير في قارب «طرورة» من الفايبر قلاس تلاعب به الموج أكثر من مرة وتلاعب بحياتنا محرك الزورق والذي توقف أكثر من مرة وتحولنا فيها لعمال مهرة في إفراغ القارب من الماء والذي كاد يغرقه أكثر من مرة، إلا أن لطف الله كان فوق كل شيء وربما أنقذنا الله من الغرق لكي نؤدي مهمة الضمير هذه والتي أرجو ألاّ نظلم فيها أي أحد... هي شذرات من قصص متفرقة فتابعوها معنا سادتي القراء:
رحلة الموت
لم نكن نصدّق نحن أن نمرّ بمثل رحلة مثل التي تحرّكنا فيها، وأن نكابد فيها مثل هذه المخاطر التي أحاطت بنا أثناء تنقلنا من أمري القديمة عبر بحيرة سد مروي (بعرض 168 كلم)، فلو حكى لنا شخص عنها لتخيلناه يتوهّم أو يحاول أن يدّعي البطولة، ففي انتظارنا لوسيلة مواصلات تقلّنا لمنطقة المناصير «برتي، وأم سرحة» خيرنا أهالي أمري القديمة بين استقلال عربة للاتفاف حول البحيرة للوصول لمنطقتنا المراد أن نصلها في رحلة تستغرق ما يقارب اليوم أو أن نصل عبر البحيرة في قارب خلال ساعتين أو أكثر قليلاً، ففضلنا لعامل الزمن أن نستغل القارب، فتم الاتفاق مع صاحب مركب في الجهة الأخرى من البحيرة فوعد بالوصول خلال ساعتين وكان ذلك في العاشرة صباحًا، فظللنا في حالة انتظار حتى الساعة الثانية ظهرًا والملل يقتلنا باعتبارنا قد أنجزنا ما جئنا إليه بأمري القديمة ولم يعد هناك ما يستدعي وجودنا خصوصًا وأن طبيعة الأهالي المضيافة تمنعهم عن الذهاب لمزاولة أعمالهم ومعهم ضيوف، فأحرجنا جدًا لعلمنا أن طبيعة عملهم تعتمد على العمل اليومي في الصيد، وعندما قاربت الساعة على الثانية شرعنا بالسؤال عن العربة الوحيدة التي نستطيع أن نستأجرها للخروج من تلك المنطقة، وعندما بدأت الاتصالات فوجئنا بمنادٍ يُبلغنا أن القارب قد وصل، تخيّلناه في البداية أن يكون «لنش» أو زورق كبير إلا أننا فوجئنا بأن زورقنا عبارة عن قارب صغير جدًا من الفايبر قلاس «مادة في خفتها تشبه الكرتون»، ولم تكن هذه هي المفاجأة الأولى فالقارب كانت الشقوق تغطيه بكامله وانهارت إحدى الطبقات المكوِّنة له، وأخذنا في تبادل النظرات الضاحكة، وعند هذه النقطة والتي أصبحت بنقطة اللا عودة ضحك مرافقوننا وقالوا لنا «خفتوا»، ويبدو أن هذه الكلمة التي قالها الأهالي بحسن نيّة قد استفزتنا سويًا فصعدنا فورًا للقارب والذي اهتزّ من وزننا ووزن حقائبنا، وهنا قام أحد المرافقين بدفع القارب للمنطقة العميقة من المياه حتى يعمل محركه، وبين تلويح المرافقين لنا ودعواتهم بأن ترافقنا السلامة ومشهد الجبال ودّعنا أمري القديمة ونحن ننظر للمجهول في قلب البحيرة التي نتوجّه إليها، وشيئًا فشيئًا تلاشت آخر معالم البر إلا من بعض رؤوس الجبال الصغيرة التي تظهر في قلب البحيرة، وبينما نحن نحاول أن نصبر أنفسنا بالاستمتاع بجمال البحيرة، إذا بمحرك القارب يتوقف في قلب الماء وظللنا نتبادل الضحكات الساخرة من المشهد لتخيلنا أن الغرق قد حان، عند هذه النقطة تنازل المحرك قليلاً وبدا في التحرك، ولم نتعدَ النصف ساعة لاحقًا، حتى توقّف المحرك مرة أخرى وأخذ القارب في الامتلاء بالماء نتاج الشقوق التي تملأه فطلب منا السائق أن نقترب منه حتى يتم إفراغ القارب من الماء فشرعنا في ذلك ونحن نتبادل الضحكات على منظرنا وأخذنا في تخيل منشيتات الصحف إذا غرقنا بالبحيرة، فتزداد ضحكاتنا.
وبعد ما يقارب الساعتين لاحت لنا من بعيد معالم منطقة برتي فتنفسنا الصعداء وحمدنا الله في سرنا على سلامة الوصول.
فش الغبينة
عند وصولنا لمنطقة برتي وجدنا أهالي المنطقة مجتمعين في مبنى كبير قرب النيل فتبادلنا التحايا معهم فحيونا في البداية بكل ود، وعندما أخبرهم مرافقنا بأننا نتبع لصحيفة (الإنتباهة) تبدلت ملامحهم وتحولت لشيء آخر من الغضب وكاد الشرار يتطاير من أعينهم، وبدأوا في سؤالنا عن سبب مقدمنا وقالوا بأنهم لن يتعاونوا معنا، ويبدو أن حديثًا منسوبًا للكاتب بالصحيفة إسحاق أحمد فضل الله اعتذرت عنه الصحيفة والكاتب في حينه هو سبب ذلك، إلا أنه لا يزال يغضبهم، فقال لنا أحدهم (إذا جايين عشان تعتذروا نحن ما دايرين منكم اعتذار)، وقال آخر (جونا صحفيين كتيرين وما كتبوا حاجة عن الحاجات الشافوها وإنتو جريدتكم تابعة للحكومة فما حتكتبوا حاجة)، وتحوّلت لهجة الكلام لشيء لا يطاق من الحديث الحاد والهجوم على شخصنا وعلى الصحيفة، تقبّلنا أغلب الكلام باعتبار أن طبيعة عملنا تحتِّم علينا أن نتعامل بحيادية وأن لا نشخصن القضايا وننتصر لذاتنا، فتركناهم يفرغون شحنتهم من الغضب، ولكن عندما قال أحدهم (تشربوا مويتكم دي ونغديكم وتمشوا طوالي)، انفجرنا حينها في وجههم وقلنا لهم: (نحن لم نأتِ للاعتذار إطلاقًا، ولم نأتِ لكي نتغدى ونرجع، لديكم قضية وأحببنا أن نطالعها على الطبيعة، إذا أفدتونا فيها فلا ضير أما إذا آثرتم أن لا تتحدّثوا فهذا شأنكم)، وهنا هممنا بالرحيل بعد هذا الاستقبال الغريب وتحرّكنا بعد أن حملنا حقائبنا تجاه الطريق على الرغم من أننا لا نعرف حتى أين نحن وكيف سنصل وهل مروي أقرب من أبو حمد، ويبدو أن غضبنا قد حرك فيهم شيئًا، وتبيّنوا أنهم مخطئون في حقنا، فتحوّلوا من الهجوم لمرحلة الاعتذار والذي لم ينتهِ حتى ونحن نودّعهم للمغادرة بعد أن سمعنا شكواهم، قبلنا اعتذارهم؛ لأننا لم نأتِ من أجل قضية شخصية أو لكي ننتصر لذاتنا، وأبلغونا أنهم يقومون «بفش غلبهم» علينا ليس لشيء إلا نتيجة الظلم الذي وقع عليهم فقدَّرنا ذلك.
قصة ظلم
تتلخص قضيتهم أي المناصير في أنهم قد انقسموا عندما جاء أوان إنشاء السد بين أن يتم إبقاؤهم حول البحيرة أو يتم ترحيلهم لمناطق أخرى أسوة بأهالي أمري والحماداب، فآثر الغالبية منهم 16 ألف أسرة الخيار المحلي وتوزع القليل الذي رضي بالرحيل لمناطق من بينها المكابراب، ونزلت إدارة السدود بناءً على قرار من رئيس الجمهورية عندما زار المنطقة وأكد لهم أن الحكومة ستوافق على الخيار الذي يختارونه، وبدأت بعد ذلك عمليات الاتفاق بين الأهالي عبر لجانهم وبين إدارة السد وتم حينها اتفاق رعاه مستشار رئيس الجمهورية البروفيسور إبراهيم أحمد عمر وتم الاتفاق على الشروع في عمليات الإحصاء للمغروسات والنخيل والأراضي والبيوت، وقال الأهالي حسب ما ذكروا ل (الإنتباهة) إن الاتفاق قضى بأن لا تغرق مناطقهم إلا بعد الإحصاء، إلا أنهم فوجئوا والحديث للأهالي بأن عملية الإغراق قد تمت دون أن يتم حصر كل ممتلكاتهم في يوليو 2008، وبينما رضي الأهالي بهذا الوضع استمرت عملية البنيان للمساكن التي خصصت لهم في منطقة أم سرحة أربعة أعوام، في الوقت الذي استغرقت نفس العملية أقل بكثير في مناطق أخرى كما حدث لمهجري تعلية خزان الروصيرص والذي تم بناء مساكنهم في ستة أشهر حسب ما أخبرنا الأهالي، يقيم أهالي المناصير الآن في أوضاع إنسانية صعبة عقب فقدهم لمغروساتهم وماشيتهم، فيضطرون للهجرة من مناطق سكنهم ببرتي كلما ارتفع مستوى الماء في البحيرة وينخفضون معها، تلعب معهم الطبيعة ممثلة في الناموس والعقارب ألعابًا مختلفة (لدغات وضيق نفس وحساسية عيون من الناموس) في ظل انعدام الجهات المسؤولة بولاية نهر النيل والتي من المفترض بحكم المسؤولية أن توفِّر لهم الخدمات.
غضب وغبن
بكل أحاسيس الغضب والغبن تحدَّث لنا عضو لجنة المتأثرين من أبناء المناصير أحمد الحسن بابكر نعمان، ويقول إن المرارات التي أحسّ بها المناصير لا توصف خلال الأعوام الأربعة الماضية، ويتهم نعمان جهات بأنها تسعى لتكسير قرارات الرئيس، وتقوم بنقل صورة خاطئة عن الأوضاع للرئيس واستدل على ذلك بخطاب الرئيس البشير الشهير بأرض المناصير 2009 والذي نقل من خلاله للمناصير وقوفه مع خيارهم المحلي، وكشف لهم من خلاله عن أن الصورة التي تصله عن القضية هي صورة خاطئة «صورة مقلوبة»، وعبَّر نعمان عن استغرابه من أن لا تقوم أية جهة بتوفير الخدمات لهم على الرغم من التضحية التي ضحوا بها، ويضرب مثلاً بالكهرباء التي تغذي كل السودان من سد مروي الذي تضرّروا منه كثيرًا وقال كيف لا تصلنا الكهرباء ونحن على بُعد مرمى حجر من السد، ويشير إلى أن التعويضات التي نالوها لا تمثل إلا 15% فقط من القيمة الحقيقية للمغروسات والأرض، ويبيِّن أن التقييم لقيمة هذه المغروسات وممتلكاتهم تم بعد إغراق السد، وكان عبر الحلف على اليمين وبعض الأوراق الثبوتية ومن ثم يتم التقييم، وأشار إلى أن هناك من نال ثلث ثمن ممتلكاته وهناك من نال النصف وهناك من لم ينل شيئًا، ويؤكد على أن تفضيلهم للخيار المحلي بجوار البحيرة كان صائبًا بالمقارنة بما حدث لأهالي أمري والحماداب الآن، ويوضح أن المناصير عندما تم طرح الخيارات عليهم قالوا إن النيل من حلفا إلى نملي مملوك، وأنهم لا يمانعوا من الرحيل إلى أية منطقة على ضفاف النيل حتى ولو كانت في أقصى الدنيا، ويشير إلى أنهم لم يطلبوا المستحيل وزاد (لم نطلب سلطة أو مال، بل فقط حقوقنا)، ويدعي نعمان أن السبب الرئيس المانع إدارة السد من إعطائهم حقوقهم كاملة أنها تريدهم أن يرحلوا أو لا ومن ثم يتم منحهم كافة حقوقهم، ويؤكد أن التقييم الذي تم في السابق قبل عشرة أعوام للنخلة الواحدة «500» جنيه حيث كان جوال التمر ما بين 10 إلى 15 جنيهًا، أما الآن فالجوال ب150جنيهًا، ويطالب بإعادة التقييم طالما أنهم لم يمنحوا حقوقهم كاملة بعد، ويصف ما حاق بهم بأنه ظلم لا يعادله ظلم قط، ويتساءل عن لماذا يحدث هذا لهم ويقول نحن (مؤتمر وطني) فهل يظلم الحزب الحاكم منسوبيه؟ ويزيد بأنهم حركة إسلامية منذ المهدية، ويعبّر عن زهدهم الآن في انتمائهم للوطني ويقول نحن نفكر جادين في ترك الحزب، ويحذر من مغبة التمادي في ظلمهم ويشير إلى أنهم سعوا للاعتصام بعاصمة الولاية وتخوف من أن يفكروا في الاعتصام بالخرطوم ويقول (ستسعى جهات لاستغلال هذا الأمر مما سيحول الخرطوم لفوضى).. ويؤكد بأنهم يخافون على السودان من أن يتحول ليمنٍ آخر أو سوريا.
لدغات عقارب
من جهته يقول حسن عثمان وهو أحد أعيان برتي إن الجزاء الذي وجده المناصير هو جزاء سنمار، ويقول إن أربعة أعوام مرت منذ أن تم إغراقهم ولا يزال الحال يزداد سوءًا، ويشير إلى أن إدارة السدود قصرت في بناء مساكنهم منذ 4 أعوام ويتساءل (معقول 4 سنة ما قادرين يتموا 500 بيت)، ويشير إلى معاناتهم في الصعود أعلى الجبال هرباً من ارتفاع مستوى المياه بالنفير وبالفزع لنقل حاجياتهم البسيطة وأطفالهم ويشير إلى أن لدغات العقارب قد أودت بحياة 16 طفلاً، ويحمد حسن الله على نعمه عليهم رغم ظلم الحكومة ويقول: (ربنا كان ما دبر ما بودر جاب لينا «الحوت» السمك)، ويشير إلى أن هناك جهات حكومية لا ترغب في أن يستقروا في مناطقهم هذه، ويبين أن أي مستثمر إذا لم يفكر في الاستثمار في مناطقهم سيفكر أكثر من مرة قبل أن يفعل ذلك، ويشير الى أن حديثهم غاضب؛ لأنهم فقدوا الثقة والمصداقية في أي زول.. بدوره يعبّر فتح الرحمن محمد عن رضائهم بالبقاء في مناطقهم إلا أنه يشتكي من كثرة الضرائب والرسوم من ولايتي الشمالية ونهر النيل على السمّاكة والسمك، ويقول إنهم لا يعترضون على الضرائب بل يحتجّون على الازدواجية في جمع الضرائب من ولاية لأخرى.
ويبدو أن الأمور لا تسير كلها بطريقة مظلمة فالبنك الزراعي عندما سمع بخير السمك على الأهالي فكَّر في تمويل مشروعات صغيرة للسماكة بالمنطقة ويقول مدير البنك بالمنطقة وهو من أبناء المناصير محمد عثمان النعمان إن البنك يحاول أن يساعد المواطنين بتمليكهم وسائل إنتاج عبر التمويل الأصغر «غوارب، شبك، مصانع ثلج) ويؤكد أن التمويل متاح للأفراد وللجماعات.
مناشدة للرئيس
برتي جزء من مجموعة مناطق يقيم بها المناصير لم نستطِع أن نصلها ولكننا نتخيّل أن المشكلات تتشابه، ونعتقد أن لهم قضية ونناشد ولا نملك إلا المناشدة يتم حل قضاياهم وأن يتدخل رئيس الجمهورية أو نائبه الأول والذين لا نشك في أنهم سيتدخلون لرفع الظلم فورًا، خصوصًا مع محاولات الاصطياد في الماء العكر من بعض ضعاف النفوس والباحثين عن الشهرة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.