تأليف الأستاذ محمد فتح الله كولن هذا كتاب جديد صدر عن دار النيل للطباعة والنشر في تركيا من تأليف الأستاذ محمد فتح الله كولن، بعنوان:«ونحن نبني حضارتنا». واحتوى الكتاب الموضوعات التالية:رسالة الإحياء، ومشكلتنا الثقافية.. أو الكينونة الذاتية، والطابع الأساسي للتصور الإسلامي، والكتاب والإجماع والقياس والمصلحة والتصوف وعلم الكلام وروح الإسلام والوقفة النبوية بين يدي الله عزّ وجلّ وحيال الأحداث. ويقول المؤلف عن الطابع الأساسي للإسلام: إن جذور الإسلام لا نهائية فوق الزمان والمكان.. والمخاطب في الإسلام هو قلب الإنسان الذي يسع ويستوعب السماوات والأرض بسعته المعنوية لأن هدفه السعادة الدنيوية والأخروية. والإسلام اسم الصراط المستقيم الممتد منذ الأزل إلى الأبد. والنظام السماوي المنزل لهداية البشرية لاتّباع سبل الخير والحق والرشاد، وتحقيق رغبة الخلود في كل شخص، ولفتح مغاليق القلوب جميعاً، ابتداءً من قلب اشرف البشر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وانتهاء بقلب البشرية.. واستطاع الإسلام مخاطبة القلوب ورسم صورته في كل وجدان، ثم توجّه نحو وحدات الحياة كلها، فثمّ تناسب دائم بين تعميقه في الصدور وتأثيره في مفاصل الحياة، وبقدر عمق تغلغله في الأرواح وتجذره فيها، يتدفق فيض تأثيره في حياتنا وتزداد انعكاساته فيما حولنا.. وتلاحظ في محيطنا من الشوق والرغبة والتلقي بالقبول نحو الإسلام إنما تتحقق فعلياً مع عمق هذه الصورة الداخلية المشرقة ومدى سعة إحاطتها روحياً. وهذا بالتأكيد يعني أنه كلما كان هذا القبول المسبق ضارباً في أغوار أعماق الإنسان، يقوى تأثيره بالتالي في محيطه، وأبعاده الدينية والاجتماعية. ويتميّز الإسلام عن النظم الدينية والفلسفية الأخرى قاطبة، بأنه رسم للإنسانية صورة فكرية وحياتية ذات بُعد عالمي، لكن بسيماء خاصة به في ذات الوقت.. واختص الإسلام المؤمنين بمسؤولية أن يجعلوه حياة يحيونها، وأمراً ينفّذونه.. ولذلك يسعى كل مسلم أدرك هذه الحقيقة، مضى يتصرّف ضمن إطارها في أعماله وعلاقاته الفردية والعائلية والاجتماعية ويخطط لمستقبله وفقاً لهذا الفهم، ويستجمع همتهُ متى سمحت له الأحوال للإيفاء بحق هذه المسؤولية. ولا يخفى في هذا الصدد أن الأفكار والأهداف السامية تبقى أحلاماً وردية برّاقة ما لم تؤيّد بعزيمة قوية وأعمال متصلة لوضعها موضع التنفيذ بقدر ما تسمح به الأحوال.. و«الكتاب» الجليل العزيز المُعبّر عنه بالكلمة المقدسة «القرآن» هو المجلّي للبصيرة والمعمّق للشعور والموسِّع للفكر، والمصدر الروحي الثرُ الذي يرتقي بالألباب، والكافي بآياته البيّنات المحكمات لكل عصر بما فيه من مختلف أنواع البيان. والدين الإسلامي حقاً هو النظام الأمثل والأنسب مع سجيّة الإنسان وطبيعته، ولا يوجد مثيل له ولا شبيه له في الاستجابة لحاجات الإنسان، لأن الإسلام يشتمل في تشريعه وأحكامه على أفكار ومبادئ ونظم عادلة رشيدة.