٭ الأستاذ عوض محمد أحمد رحمة الشهير بعوض فنون لأنه باقة متحركة من الفنون بشتى ضروبها سواء أكانت فنون الرسم والنحت والخط العربي فهو فارسها، وسواء أكانت فنون الشعر والمسرح فهو زعيمها، وقد أشرت له في أكثر من مرة ونحن نفكر في إحياء الاحتفال بمدرسة عطبرة الثانوية وخريجيها الذين يملأون الأرض، وتحدثت معه الأسبوع قبل الماضي من عطبرة، وطلب كل من كان حولي أن أسلمه الهاتف بعد أن عرفوا أن المتحدث في الجانب الآخر هو عوض فنون بكل شخصيته خفيفة الظل، وهكذا فعل من كان في مجلسنا الأستاذ السر حسن عيسى، والأستاذ حسن أحمد الشيخ، وكان الترتيب للاحتفال بستينية عطبرة الثانوية، وهو الاقتراح الذي كتبته في هذه المساحة بعد أن فاتت علينا ذكرى اليوبيل الذهبي عام 2004م، واستبعدت أن يمتد بنا العمر حتى اليوبيل الماسي عام 2029م، وكان أول من أعجبته الفكرة الأستاذ عوض فنون ضاحكاً بأننا لسنا (بعاعيت) حتى نحضر اليوبيل الماسي.. ولم يكن هو أو نحن نتخيل أنه حتى ذكرى الستينية في هذا العام 2014م لن يحضرها أو قد لا نحضرها، وقد حدث وتوفي قبل أيام الأستاذ عوض فنون. ٭ لم أصدق المعلومة الخاطفة بوفاة عوض فنون.. وبكل سرعة، وكما اعتدت يومياً أو لعدة مرات في الأسبوع أن أتصل به وما بين مؤمل في أن تكون المعلومة شائعة جاءني الرد من غير صوته، وكان المتحدث ابنه محمد فلاحظ ترددي وتلعثمي، وسارع بأن والده توفي الأسبوع الماضي إثر جلطة عاجلته ولم تمنحه غير ساعات.. يا .. للمصيبة.. حقاً مات عوض فنون الصديق الأقرب إلى نفسي فقد كان معلماً لي بمدرسة عطبرة الثانوية.. ثم زاملته في مهنة التدريس والعمل النقابي والاجتماعي بعطبرة.. بل العمل الفني الكبير.. حتى غادرنا المدينة العظيمة كل منا في اتجاه لنجتمع قبل سنوات بالعاصمة بل في الكلاكلة.. ولكنه اجتماع لم يكتب له أن يطول فقد مات عوض فنون.. بل سبقنا للقاء ربه. ٭ أتذكر هنا تلك الليلة في حي الحصا بعطبرة ونحن نحتفل مع عوض فنون بزفافه، وكان في المدينة الفنان الكبير المرحوم الفاصل سعيد لتقديم إحدى مسرحياته، وجاءنا في الحفل ومسك المايكرفون ليتحدث عن عوض رحمه بالقول: لو قلت إنني شاعر فهو أشعر مني ولو قلت إنني فنان مسرحي فإنني أتضاءل أمام فنه ومسرحه العظيم. ٭ كنا في الأيام الماضية نرتب للوسيلة التي نبدأ بها الإعلان عن الاحتفال بستينية عطبرة الثانوية، وكان عوض فنون يضع الأفكار واللمسات السحرية، ولم يكن يعلم بأن القدر يرتب أمراً آخر، وقد تتحول إحدى فقرات الاحتفال لتأبينه وتأبين بعض رموز المدرسة العريقة التي حلت في المركز الرابع من حيث التأسيس بعد الثلاثي العريق وادي سيدنا وحنتوب وخورطقت. ٭ نأمل من كل طلاب وزملاء ورفاق درب الأستاذ عوض فنون، أن يكتبوا عنه ويترحموا عليه، ونقدم بعض ما نعرفه عن شخصيته العظيمة وشعره الأصيل.. والمسرحيات الخالدة التي قدمها للمسرح المدرسي والسوداني.. رحم الله عوض فنون واسكنه الجنة وجازاه بقدر ما خدم هذا الوطن العظيم، وأن يجعل البركة في ذريته وما تركه من أعمال خالدة «إنا للَّه وإنا إليه راجعون».