بالرغم من أننا ننتمي إلى منطقة واحدة وأعرف أسرته ويعرف أسرتي.. إلا أن الفارق العمري بيننا لم يسمح لنا باللقاء والزمالة في المراحل السياسية، وكانت عروس الشرق هي التي جمعتنا في كنفها الرحب سنوات وسنوات.. فتحيتي للاخ مبارك الكودة، وعندما كتبت قصيدتي «عروس الشرق» وافترعتها هكذا: كسلا ارتعاش في المشيب وفي الشباب وشجى لليلى من لياليك العذاب يا مورد العشق النمير ومنهل الحب الروي وكوثر الفرح المذاب للحسن فيك وللجمال موارد ولنا الشباب وعزمه ولنا الرغاب كم للجمال من الكؤوس المترعا في كل ناحية وضاحية وباب ولما ذكرت من الاخوة والأعمام في تلك القصيدة امثال شمعون محمد عبد الله ونمر نقناق واسحق مراد وعثمان مني وسيد أحمد يوسف وعمنا فضل محمد علي واخينا الدكتور احمد ادريس عبد الماجد، عندما ذكرت كل هؤلاء لم اذكر الاخ مبارك الكودة لا لسبب إلا الفارق العمري بيني وبينه.. وبينه وبين هؤلاء، ثم نبغ نجمه بعد ذلك وصرت اتابع اخباره من على البعد حتى التقينا اخيراً في معمعة الإنقاذ والمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية التي كانت الوعاء الجامع قبل الإنقاذ. واليوم أرى أنه غادر إلى الإصلاح الآن.. وقبله غادرت أنا إلى غير وجهة في البداية ثم استقر بي المقام في منبر السلام العادل. وبعد أن غاب فترة عن الاضواء والاحداث بعد الخلافات التي جرت بينه وبين احد الولاة، ها هو الاخ الكودة يظهر داخل أروقة حركة الاصلاح الآن، والاصلاح الآن خرجت من رحم الحركة الإسلامية ومن عباءتها، ولا أظنها خرجت من رحم المؤتمر الوطني ولا رحم الإنقاذ ولا من عباءة المؤتمر الوطني ولا عباءة الانقاذ. إن معظم الذين آثروا الانضمام إلى الحركة الإصلاح الآن هم كلهم أو جلهم من ابناء الحركة الاسلامية الذين تربوا فيها واخذوا منها الكثير وتركوا بصماتهم في كثير من نواحيها، إلا ان في قاموس الحاءات الثلاثة «حكومة.. حزب.. حركة» يوجد قاموس وقانون غير قاموس وقانون المحو والاثبات الذي اشار إليه الحق عز وجل «يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب» فالحاءات الثلاث تمحو ما تشاء وتثبت من برامج وأهداف التيار الإسلامي الذي ظلت الحركة تقوده عشرات السنين. إلا أن الحاءات الثلاثة ليس لديها كتاب ولا ام كتاب ولا اصل جامع يرجع إليه من أراد أن يقرأ أو يستجلي اسباب المحو والإثبات.. ربما هذا هو الذي أدى إلى قيام هذه الكيانات التي تعد مواليد شرعية أو غير شرعية للإنقاذ. والذي دفعني للكتابة اليوم هو ما نسب إلى الاخ مبارك الكودة في اول عدد من اعداد «المستقلة» الصادرة يوم 18/5/2014م حول الاسلام السياسي. وأولى ملاحظاتي هي أن عبارة الاسلام السياسي لم ترد ابتداءً على لسان الأخ الكودة بل كانت رداً على سؤال للصحفي عن الاسلام السياسي.. وكان الخط هكذا السؤال: في ظل الإنقاذ كنت تعمل بخطة الولاية الاستراتيجية!! الاجابة: طوال عملي في الانقاذ لم اكن اتلقى أية خطة من أية جهة، وكل مشروع كبير او صغير قمت به هو من بنات أفكاري، ما عندنا استراتيجية ولا رؤية لاية عملية تنموية كبيرة وما عندي خطة ولا محاسب قط جاء وسألني عن كيفية المشروعات التي قمت بتنفيذها. السؤال: في ظل الإنقاذ حدث الكثير خارج السلطة؟ الإجابة: الإنقاذ اجتهاد بني على باطل وما بني على باطل يظل باطلاً. السؤال: كل الانقاذ؟ الإجابة: أي انتاج قام في ظل الانقاذ هو انتاج غير صحيح لانه قام على باطل. السؤال: هل تنسى انك جزء من هذا الوضع القائم؟ الاجابة: انا مشارك فيه ولا اتبرأ منه واجتهدت قدر جهدي. السؤال: هل تعتقد أن الاسلام السياسي تفكير بني على خطأ؟ الاجابة: الاسلام السياسي من الاوهام الكبيرة التي كنا نؤمن بها إيماناً مطلقاً من دون اي سند ولا دليل، فكان مجرد اجتهادات خاطئة. السؤال: سيد مبارك هل تتحدث عن تجربة الإسلام السياسي المعروفة لدينا والحاكمة حالياً؟ الاجابة: لا لا اتنصل من تجربتي الخاصة، واقدم اعترفاتي لتصحيح الأوضاع وأكرر أنني اكتشفت خطأ في الفكرة وتحررت منها، وحالياً لا أؤمن بشيء اسمه الاسلام السياسي. السؤال: ما الذي اكتشفته وحرك فيك كل هذا العنف لتغيير الأفكار؟ الإجابة: استغلال مشاعر الناس البسطاء باسم الدين فنبني بها مجداً، والفكرة من الأصل ليست صحيحة بل هي خاطئة تماماً وبالتجربة. السؤال: تحررت يا مبارك الكودة؟ الاجابة: انا تحررت من فكرة الاسلام السياسي ولم تعد تعنيني لا من قريب ولا من بعيد. ورغم أن الحدث له بقية، إلا أنني اكتفيت بهذا القدر الذي ورد في مقابلة الأخ مبارك الكودة على صفحات «المستقلة» التي اجرها معه الصحفي صديق دلاي. وقبل ان أدلف إلى داخل هذه المقابلة أود ان اتوجه للأخ مبارك الكودة بسؤال على غاية من الأهمية: عندما تكلمت أخي مبارك عن الاسلام السياسي هل كان عندك في دواخلك تعريف للمصطلح أم لا؟ وما هو إن كان؟ وهل هناك فرق بين الإسلام السياسي والسياسة الشرعية أم لا؟ يتبع.