رباب علي: الحركة الماكوكية الملازمة للمساعي السياسية للمؤتمر الشعبي لجمع شتات الحركات المسلحة خاصة الجبهة الثورية مع غريمها النظام الحاكم منذ امد بعيد، والوصول معها الى تفاهمات مشتركة حول القضايا المحورية في الساحة السياسية، رغماً عن الاتهامات التي تلوح ضد الشعبي بتبنيه السيطرة على هذه الحركات، والدعوة التي قدمتها الثورية من خلال رئيسها جبريل ابراهيم للقاء كل المعارضة السودانية بمكان محايد حسب قوله والتي واجهها الشعبي بتمسكه بالحوار الداخلي لحل المشكلات، تحمل العديد من التقاطعات السياسية التي وصفها المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة خلال حديثه للصحيفة بأن كل الاحداث في الساحة السياسية تترابط بعضها البعض دون فصال، فبعد بدء المفاوضات بين قطاع الشمال والمؤتمر الوطني باديس ابابا ونداء الاول بحل كل القضايا العالقة، بينما يرى الثاني ان الحوار حول المنطقتين فقط والدعوة لدستور انتقالي، جعل التحليل للموقف يصب في اتجاه ان كل طرف يسوق في الاتجاه الذي يريد، ومن ثم والحديث للدومة اتت الدعوة من الانقاذ لاجراء الحوار بالداخل، والذي وجد مبادرة سريعة من قطاع الشمال بصورة سريعة مما استدعى ان تتراجع الحكومة عن مقترحها واعتقلت المهدي لخدمة اهداف كثيرة منها قطع الطريق امام الدعاة لنقل المفاوضات للخرطوم، وبعد ان اصبحت المبادرة حقيقة قامت جهات من المعارضة بالدعوة لنقل المفاوضات للخارج لتصب في ذات الاتجاه. التوجس الذي اصاب هيكل تجمع المعارضة بعد دعوة الرئيس للحوار، وشكوكها في التوصل لنتائج ايجابية للحوار ومطالبتها الرئيس بدعوة متمردي الحركات والجبهة الثورية للحوار دون اشتراط وضع السلاح، والتي لديها تحفظات ومآخذ وشكوك على الرغم من الجدية التي اتسمت بها الدعوة، يجعل نداء الثورية للاجتماع في الخارج يحمل ابعادا اخرى، اجملها استاذ العلوم السياسية د. آدم محمد احمد في أنها دعوة لتنفيذ بنود وثيقة الفجر الجديد التي وقعتها الثورية مع القوى المعارضة، مستدركاً بقوله قد تكون بعض المستجدات حملتها على هذه الدعوة، خاصة ان المؤتمر الوطني يعتبر خارجاً على قوى الاجماع الوطني. الا ان تقارب المسافات بين الشعبي والجبهة واللقاءات المكثفة التي كانت تتم بالخارج واكدها القيادي د. علي الحاج سابقاً، وتأمينه على ضرورة الا يكون الاتصال بها حكراً على حزبه فقط، بل يتطلب ذلك مشاركة كل الاحزاب في ذلك، حدا بالقيادي بحزب الامة القومي عبد الرسول النور إلى الاشارة الى ان الساحتين السياسيتين الآن الحاكمة والمعارضة تدركان الوضع الخطير الذي تعيشه البلاد، فاصبح الحوار هو الطريق الاسلم للوصول الى مبادئ لحل القضايا العالقة سواء الحروب في المنطقتين او الفساد او قضية الحريات العامة. وقال عبد الرسول ان الخلاف مع الثورية لا يدور حول هذه القضايا، بل الوسائل المستخدمة، وقبول الدعوة يحمل احد وجهين، اما ان تسعى هذه الاحزاب الى تمدين الجبهة الثورية، او ان الاخيرة ستجذب هذه الاحزاب لحمل السلاح. وقال إن اختيار الثورية لعقد اللقاء بالخارج يعود الى ان بعض أعضاء الجبهة محكوم عليهم بالاعدام، ووجودهم في السودان لاجراء حوار فيه خطر عليهم، الا اذا قبلت الحكومة باللقاء فهنا الامر يختلف، وسيعيد ترسيخ الثقة المفتقدة في النظام الحاكم، فتصبح احدى الضمانات التي تريدها الجبهة وتنادي بها دوماً. إذن القيمة المكانية التي حوتها دعوة الجبهة، حملت عبرة تكمن في قيام الخطوة العملية القانونية الصحيحة المتمثلة في الغاء القوانين المقيدة لجميع الحريات والانحياز لارادة المواطنين في الممارسة السياسية الشفافة، واتباع الحكومة للجدية والمصداقية التي اطلقتها في الساحة، ولعبة السياسة تُبنى على التكتيك، حتى لا تصبح مخالفة في مساهمة المجتمع الدولي والقوى الإقليمية في معالجة القضايا الوطنية.