دخلت في حالة هيستيرية عندما أخطرها أحد الأطباء أنها ربما لا تصلح للتبرع بكليتها لأخيها سليم، عاينتُ صور الأشعة «الملونة» طارت حنان من الفرح عندما أخطرتها أن التليُّف في النصف الأسفل من الحالب ويمكن التخلص من الجانب الأسفل للحالب وزراعة الكلية مع الجزء الأعلى السليم في جسم شقيقها، ان سليم يعاني من مرض نادر اسمه متوالية البورت Alport Synorome اكتشفه الطبيب البريطاني سسل البورت cicil ALpoRT عام 1927م وهي خلل في الجين المسؤول عن تصنيع مادة الكولاجين في الكلية ويتسبب في الفشل الكلوي مع فقدان السمع في الأذن وأعراضه تبول الدم.. فتح الأخ سيد مستشفاه البراحة لعملية سليم المجانية بعد نجاح العملية عادت له صحته وصفاء ذهنه، وببراءة الأطفال، بادرني سليم قائلاً: «يا دكتور كمال عملية الكلى نجحت بتزرع لي الأضان متين؟».. بعد عملية سليم قررنا زراعة الكلى للأطفال دون سن السابعة وهي التجربة الأولى من نوعها في السودان، تم تحضير الأطفال في مستشفى سوبا الجامعي بواسطة دكتور محمد بابكر ود. التجاني محمد أحمد في قسم الكلى للأطفال، واخترنا مستشفى مدني لأمراض الكلى بعد قيام مديره العام آنذاك الدكتور محمد الشايقي بتحضير المستشفى لاستقبال الأطفال من سوبا، قمنا بالزراعة ل «14» طفلاً، معظم التبرعات من أمهاتهم.. لفت نظري أحدهم اسمه مميّز «أبا جندل» يشع حيوية وذكاءً عمره العقلي أكبر من عمر سنيه، رغم المرض لطيف خفيف الظل تبرعت له والدته، وتفاجأت بوجود ضيق في البداية بين حوض كلية والدته والحالب يحدث بدرجات متفاوتة ل «2%» من الناس اسمه puJ_ sATENOSIS تشويه خلقي هو نفس المرض الذي فقدت بسببه كليتي اليسرى قبل «16» عاماً.. بعد إزالة كلية والدته تخلصت من المنطقة الضيقة وألصقت الكلية المزروعة مع حالب وحوض كلية أبا جندل المتوقفة وكان في ذلك شفاء له ولوالدته المتبرعة.. بعد خروجه أعد أهله وهم كثر في ضاحية الحاج يوسف احتفالاً بدأ بزفة من مطار الخرطوم نحروا الذبائح وأقاموا ليلة أقرب إلى عرس النبلاء، غمروني حبّاً وكرماً وتهليلاً وأهداني أبو جندل شعراً من تأليفه.