نجلاء عبَّاس: فشلت الجهات الاقتصادية المختصة في العمل على خفض معدل التضخم وإصلاح الوضع الاقتصادي رغم المحاولات المبذولة لتحقيق ذلك، ونجد أن تلك الجهات تضع كثيرا من الخطط الإصلاحية والبرامج الاقتصادية المتمثلة في البرنامج الثلاثي لخفض التضخم والنهضة الزراعية، لكن تتفاقم المشكلات والأسباب التي تؤدي لذلك لتباطؤ الحكومة في إيجاد المعالجات والحلول التي تكمن في زيادة الإنتاج والإنتاجية واكتفاء الدولة ذاتياً لبعض السلع. وتسعى الحكومة حالياً لعمل خطة إسعافية خماسية لخفض معدلات التضخم، هل ستكون مخرجاً لمحنة الاقتصاد أم تسهم في تفاقم الأزمة وتزيد من تشوهات الاقتصاد؟ وكشف الجهاز المركزي الإحصائي أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك يعتبر مؤشرا لاتجاهات التضخم والانكماش الاقتصادي إضافة إلى استخداماته كمقياس للتغيرات في القدرة الشرائية للعملة، وفي الحسابات القومية لاستنباط تقديرات السعر الثابت للإنفاق الخاص ومكوناته. ووضع الجهاز المركزي للإحصاء خطة لتنفيذ المسح القومي لميزانية الأسرة والفقر في عام 2014م ضمن الخطة الإستراتيجية الوطنية لتطوير الإحصاء وتحديث سلة المستهلك وأوزان السلع والخدمات وحساب الرقم القياسي لأسعار المستهلك للعام الحالي واستخراج معدلات التضخم. وأشار التقرير الى أن ارتفاع المستوى العام لأسعارالسلع خاصة المستوردة انعكس على ارتفاع معدل التضخم، وقال الجهاز المركزي للإحصاء إن معدل التضخم السنوي في البلاد ارتفع إلى «41.2%» في مايو، وهو ما يعكس زيادة شهرية. وقال جهاز الإحصاء في نشرته الشهرية إن الارتفاع الشهري يرجع إلى زيادة أسعار الأغذية والمشروبات في مايو، وبلغ معدل التضخم السنوي في أبريل «37.3 %». كما اتسع العجز فى تقديرات ميزانية السودان التي عرضت سابقاً بالمجلس الوطني، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لخفض معدلات التضخم عقب ارتفاع أسعار المنتجات البترولية في سبتمبر الماضي، وأدت إلى أسوأ اضطرابات حضرية منذ عقود. وجاء في مشروع الميزانية التي قدمها وزير المالية بدر الدين محمود عباس وجود عجز بين المصروفات والإيرادات يبلغ 12 مليار جنيه سودانى «أي ما يعادل 2.11 مليار دولار. وقال بدر الدين إن تقديراتنا للإيرادات 46.2 مليار جنيه سوداني والإنفاق 58.2 مليار جنيه، وبلغ العجز في ميزانية عام 2013، عشرة مليارات جنيه سوداني حوالى 1.8 مليار دولار. ويقول محللون إنه تمت تغطية العجز في الميزانية بطباعة المزيد من النقود مما زاد من معدلات التضخم، وبالرغم من أن معدلات التضخم تراجعت منتصف العام إلا أنها عادت إلى ما فوق 40% في شهري أكتوبر ونوفمبر المنصرمين، وهي النسبة التي كان عليها التضخم حتى بداية العام الحالي. ويعاني السودان من ارتفاع الأسعار وضعف قيمة العملة المحلية منذ انفصال الجنوب عنه في يوليو 2011 آخذاً معه 75% من إنتاج النفط، فيما كشف التقرير الصادر من البنك الدولي أن السودان قد سجل أعلي معدل للتضخم على مستوى العالم حيث بلغ 46% خلال العام الماضي. إضافة إلى أن السودان جاء على رأس لائحة الدول النامية العشر التي سجلت أعلى معدلات التضخم للأعوام السابقة، وتوقع خبراء اقتصاديون أن تتراوح معدلات التضخم في العالم خلال هذا العام ما بين 3.5% - 4% وبمعدل 6.3% في الدول النامية بنسب أعلى إلى حد ما في العام الماضي. وعزوا ارتفاع معدلات التضخم في البلدان النامية إلى تذبذب العرض بسبب الاضطرابات السياسية في بعضها وعدم التوازن في الاقتصاد الكلي للبعض الآخر. وأوضح الخبير الاقتصادي د. محمد الناير خلال حديثه ل «الإنتباهة» أن معدل التضخم هو مؤشر للمعدل المستهدف 20.9% الذي يفترض أن تصل له الدولة بنهاية العام الحالي، وأضاف أن ارتفاع معدل التضخم خلال هذا الشهر يوضح صعوبة تحقيق الرقم المستهدف، وقال الناير إن المشكلة تتلخص في سعر الصرف للعملة الوطنية والتطبيق الخاطئ لسياسات التحرير الاقتصادي التي صاحبها الجشع من قبل المصنعين والمنتجين، فكانت سبباً في ارتفاع معدل التضخم. ويتوقع أن يرتفع أكثر في الفترة القادمة لدخول شهر رمضان ومواسم الأعياد لارتفاع الطلب على بعض السلع. وطالب الناير من القائمين على الاقتصاد اتخاذ السياسات اللازمة للوصول للرقم المستهدف ولا نطمع في تحقيق رقم أحادي لصعوبته في ظل هذه الظروف الاقتصادية الحرجة.