ما زال التضخم وارتفاع معدله يشكل هاجسا كبيرا للقائمين على أمر الاقتصاد القومي حيث ما فتئوا يعملون جهدهم لخفضه لتكون نسبة معدله احادية وليست ثنائية كما هو عليه الحال الآن حيث إنه واصل ارتفاعه في شهر مايو الماضي بنسبة 0.3%، فبلغ 16.8 مقابل 16.5 في أبريل الماضي. وعزا الجهاز المركزي للإحصاء ارتفاع معدل التضخم لارتفاع الرقم القياسي العام لاسعار المستهلك الذي سجل ارتفاعا طفيفا بلغ 1.7% حيث سجل لشهر مايو 162.2 مقارنة ب 159.5 لشهر ابريل الماضي. واوضح الجهاز المركزي للاحصاء أن مجموعة الاغذية والمشروبات ارتفعت اسعارها بنسبة 4.2% مقارنة بشهر ابريل الماضي وبمعدل تغيير بلغ 18.8% مقارنة مع مايو 2010م. واشارت المذكرة الشهرية للجهاز حول معدل التضخم ان المجموعات السلعية الاخرى سجلت ارتفاعا طفيفا مقارنة بشهر ابريل الماضي عدا مجموعة المطاعم والفنادق التي سجلت معدل انخفاض بلغ 1.1% مقارنة بشهر ابريل الماضي. وأوضحت حركة التضخم للولايات بين شهري مايو وابريل 2011 ان ولايتي شمال دارفور والنيل الابيض سجلتا ادنى معدل تضخم في شهر مايو مقارنة بأبريل الماضي بلغ 7.1% وبمعدل تغير 40.3% و17.4% على التوالي، وواصلت ولاية النيل الابيض تسجيل ادنى معدل تضخم للشهر الثالث على التوالي. واشارت المذكرة الى ان ولاية جنوب كردفان مازالت الولاية التي تسجل اعلى معدل تضخم طيلة الاربعة اشهر الماضية حيث بلغ التضخم 31.9% لمايو. والملفت في مذكرة الجهاز المركزي للإحصاء ثبات موقف بعض الولايات ومحافظتها على معدل تضخم لعدة شهور كما هو الحال في ولايتي النيل الأبيض من حيث الانخفاض وولاية جنوب كردفان من حيث الارتفاع ليطل إلى الأذهان تساؤل عن الأسباب التي تقف وراء محافظة الولايتين على مستوى التضخم بهما. ويقول البروفيسور عصام بوب إن نسب المعدلات التي رفد بها الجهاز المركزي للإحصاء تفتح الباب عن طريقة حسابها في ظل ارتفاع أسعار معظم السلع الاستهلاكية الرئيسة مثل السكر والذرة واللحوم التي وصلت إلى 40% وقال إنه على حسب علمه أن حساب مؤشر أسعار المستهلك بولاية شمال كردفان قد ارتفع بنسبة عالية بسبب اكتشافات الذهب وارتفاع معدل شراء المواطن وقدرته الاستهلاكية حتى أصبح انتاج كباش الكبابيش المعروفة بلحمها اللذيذ لا يصل إلى أم درمان لجهة كبر الاستهلاك المحلي علاوة على زيادة عدد سيارات الدفع الرباعي في السنة الماضية، وأضاف أنه لا يمكن أن تسجل النيل الأبيض انخفاضا في معدلات التضخم نسبة لارتفاع أسعار الذرة بها في وقت تعد فيه الزراعة المورد الأساسي لإنسانها بجانب ارتفاع أسعار السكر والأدوية وسائر السلع الاستهلاكية. وأوضح أن معدلات التضخم تقاس بحساب التغير في أسعار مجموعة من السلع الأساسية لمدة شهر ومتابعة التغير اليومي على مداه حتى يتمكن من الوصول إلى معدل تغير صحيح، وزاد أن إجراء ذلك يتطلب إمكانيات كبيرة ووحدات متخصصة وهذا ما لا يتوفر للولايات على حد قول بوب، الذي اضاف أنه على مستوى الاقتصاد الكلي هناك جملة عوامل تؤثر على معدل التضخم والتغير في اسعار المستهلك على رأسها حجم الكتلة النقدية الذي يرتبط زيادة حجمها ارتباطا وثيقا مع نسبة التضخم فتزيد احتمالات ارتفاع معدله مع زيادة حجم الكتلة النقدية كما أن موقف احتياطي الذهب والعملات الحرة بالخزينة العامة وحوزة الحكومة لجهة أن العملة الورقية تمثل ضمانا من الحكومة المركزية لحاملها للحصول على ما يقابلها من سلع وخدمات فلا يستخدمها المستهلك بسرعة فهذا لا يستدعي استخدامها أكثر فترتفع معدلات الادخار ما يقلل احتمالات ارتفاع معدلات التضخم، هذا بجانب عامل ثالث يؤثر على التضخم يتمثل في مدى قدرة القطاعات الإنتاجية الحقيقية على الإنتاج، وزاد أن العملة الورقية التي لا تقابلها سلع أو خدمات تماثل شيكا بلا رصيد وهذا ما يجب على الدولة تفاديه.