تمنح أخبار ضبط المواد الاستهلاكية والغذائية الفاسدة والتالفة، قدراً كبيراً من السعادة والثقة في الجهات والسلطات الرقابية، وتمنح أيضاً قدراً من القلق والمخاوف مصدره الأساس النظر للكميات الكبيرة والأماكن التي تضبط فيها، ونوعيه المجرمين أنفسهم، فالإحصاءات وعلى ضخامتها، تشكل نسبة من المضبوط، فالذي يدخل الأسواق والأمعاء بلا شك يثير المخاوف والقلق، كما أن هذه الكميات الفاسدة تفسر لنا سبب ارتفاع نسبة الوفيات والأمراض والسرطانات وأمراض الدم التي لا تفرق بين كبير وصغير ولا غني أو فقير. وحتى نستبين الصورة، فبالنظر للعاصمة القومية من أطرافها وقلبها ومدنها الكبرى وما تم من ضبطيات ومحاكمات ومن خلال البلاغات الرسمية، مسألة تستحق إعادة النظر والوقوف عندها، فبالأمس وضعت الشرطة الأمنية بجبل أولياء يدها على كميات كبيرة من المواد التالفة التي تسرب بعضها للسوق بمنطقة جنوبالخرطوم وتباع في أسواق مايو وبروس وتشمل مواد تؤكل مباشرة ك «التونا» وغيرها، وقبلها أوقفت سبع متهمين «عمال» يتبعون لإحدى الشركات الغذائية الكبرى بعد أن ضبطت بحوزتهم كميات كبيرة من البضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية منذ العام 2009م، عبارة عن كميات من الأرز والدقيق ومواد استهلاكية أخرى كانوا قد استولوا عليها من مكب النفايات دون إبادتها. أما في أم درمان فإن السلطات وخلال حملاتها الأخيرة أغلقت «25» مصنعاً تعمل في مجال المواد المنتهية الصلاحية، وأشارت التقارير إلى إغلاق «432» مطعماً لم تف بالاشتراطات الصحية، والمسألة غير مرتبطة بأطراف الولاية، بل في قلب العاصمة وفي شارع الستين وفي مطعم سياحي شهير لا يرتاده العامة من الناس، ويديره أجنبي «إيطالي» أوقفته شرطة الجريف لاستخدامه مواد غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية منذ العام 2012م. أما الإبادات التي تتم شهرياً فإنها بالأطنان والحاويات، حيث شهد هذا العام أكبر إبادة من نوعها لبضائع وسلع استهلاكية ضبطتها الجمارك من منافذ مختلفة، وبلغ وزنها أكثر من «100» طن وتقدر قيمتها بحوالي «20» مليون جنيه محملة على ثماني حاويات وكلها مواد مسرطنة في غاية الخطورة. والمشكلة الكبرى أنه بالإمكان تدوير هذه السلع التالفة وإعادة تعبئتها وتغليفها بتواريخ جديدة، يصعب معها كشف التلاعب والغش، وهنا لا بد أن يعي المستهلك بخطورة الأمر والتدقيق في السلع ومحاولة معرفة التغييرات خاصة في المواد المعلبة، وهذا ما يجتهد فيه الدكتور عبد القادر، خبير التغذية المعروف من خلال إطلالته الأسبوعية صباح كل خميس بإذاعة البيت السوداني. أفق قبل الأخير جرائم السلع الفاسدة تتخطى الكسب الحراك إلى قتل النفس وتدمير الاقتصاد القومي والمساس بسمعة الإنتاج الوطني. أفق أخير