في سابقة شابهت في تفاصيلها كثيراً مما تنتجه سينما هوليوود في جرائم الاحتيال والتجسس الإلكتروني، حيث تمكن لص «هكر» إلكتروني من اختراق حساب مالي لإحدى الشركات السودانية العاملة في مجال البترول، وسحب منه مبلغ «6.7000» يورو، وكشف موظف فوضته الشركة لاتخاذ الإجراءات القانونية لدى الإدلاء بإفاداته لمباحث جرائم الحاسوب والمعلومات التابعة للمباحث والتحقيقات الجنائية بأن الشركة اكتشفت عند مراجعة حساباتها باختفاء المبلغ المذكور، وعلى الرغم من أنّ النيابة قامت باستجواب الشاكي، وشكّلت فريقاً مختصاً للقيام بأمر التحقيق، إلا أنّ البينات لم تسفر عن شيء يذكر، وقيدت القضية ضد مجهول، وهذه السرقة الإلكترونية التي قام بها اللص تعد سابقة فريدة من نوعها في تاريخ الجرائم الإلكترونية في البلاد، وفتحت الباب واسعاً أمام سيل من التوقعات والاحتمالات أقلها أنّ السودان ليس في مأمن بعد هذه الحادثة، وفي طريقه للتعرف على نمط جديد في الاحتيال المالي وسرقة المعلومات الالكترونية، ومن شأن هذه الحادثة أيضاً أنْ تفتح باب التساؤلات واسعاً وعلى مصراعيه عن وسائل الحماية المستخدمة في تعاملاتنا الإلكترونية، هذا إنْ وجدت من الأساس، بجانب السؤال عن التشريعات الجنائية والقوانين الرادعة لمن تسوّل لهم أنفسهم ارتكاب مثل هذه الجرائم.. وهل هنالك حالات مشابهة من قبل تم الحكم فيها؟. وفي ذات السياق أشار الأستاذ حمّاد محمد صالح المحامي إلى أنّ مثل هذه الجرائم وافدة على مجتمعنا السوداني مثلها مثل جرائم التزوير والدعارة المنظمة والاحتيالات التي تتم إلكترونياً، وقال بأنّ مثل هذه الجرائم يتم التعامل معها قضائياً معاملة السرقة، إلا أنّ الأدلة فيها والبينات تختلف عن السرقات المادية المعروفة، لذا تستهدي المحاكم عادة في مثل هذه الجرائم بالخبراء.. واتفق الاستاذ حمّاد مع القول بأنّ مثل هذه الجرائم الإلكترونية قليلة الحدوث، وأرجع الأسباب الى جملة من الأشياء منها ضعف التعامل مع الحسابات المالية إلكترونياً، لكنه في ذات الوقت لم ينفِ تكرار حدوثها مرةً أخرى، وربما تكون مثل هذه الحادثة جرس تنبيه لمن يهمه الأمر. بينما يرى خبير أمني فضل حجب اسمه خلال حديثه مع (الإنتباهة) أنّ بداية الهاكرز في السودان بدأت بأشياء غاية في العادية والبساطة مثل سرقة الرسائل الإلكترونية وإرسال رسائل مزورة أو تخريب للمواقع الإلكترونية والدخول على بعض «السيرفرات»، لكن مسألة أنْ تكون هنالك سرقة إلكترونية لبعض الحسابات الخاصة بالشركات والمؤسسات الكبرى، فهذه سابقة إلكترونية في السودان، وان حدوث سرقة مالية إلكترونية بهذا التنظيم وهذه الدقة تفتح أبوابًا كبيرة لاحتمال تكرار ما حدث الآن اذا لم تشدد الرقابة الأمنية على كل المواقع، وهذا دليلٌ على أن معدّل الحماية لأنظمتنا الإلكترونية ضعيف إنْ لم يكن «صفراً»، وأوضح الخبير الأمني قائلاً: إننا في حاجة الى ما يُسمى ب «أمن المعلومات»، وهو مفهومٌ وليس برنامجاً فقط يتم تنزيله في أجهزة الحواسيب، لكنه مفهومٌ يشمل الأفراد وأسرارهم وبيئة العمل ومسألة الحماية المتطورة لأسرار المنشأة، وختم الخبير الأمني حديثه بأنّ حادثة السطو على الحسابات المالية للشركة البترولية الأيام القليلة الماضية، ليست هي سابقة فقط، وإنما إشارة واضحة الى وجود أذكياء يمارسون «الهاكرز» في السودان وتطورت أساليبهم وأدواتهم ومناهجهم، وهي بداية من الممكن أنْ تكون المحطة المقبلة بعض الوزارات السيادية والبنوك والمؤسسات الكبيرة إنْ لم نُحسن التصرف والحماية مستقبلاً.