امرأة تدخل زوجها في محرقة برميل، وأب يقيم مجزرة دموية بمنزله/ تقرير: نجلاء عباس تناولت وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة أبشع جرائم قتل تعرضت لها الأسر فيما بينها من «أب، أم، أخ وأخت» «ذوي القرى»، فمثل هذه الجرائم تقع بانتظام وفي أزمنة متقاربة، وتغطي البلاد كلها وليست موجودة في منطقة واحدة أو مناطق قليلة، وبالرغم من فظاعة هذه الجرائم وبشاعتها فهي إلى الآن تبقى فواجع يستنكرها الوجدان السليم، بجانب فتح العديد من البلاغات الجنائية في مواجهة مرتكبي هذه الجريمة وإحالتها للقضاء حتى تتم المحاكمة فيها بعقوبات رادعة تكون عبرة وعظة لغيرهم للمنع والحد من وقوع هذه الجريمة، وتعمل الجهات المسؤولة والمختصة على إعادة النظر في الأسباب التي تقود لارتكاب الجريمة، والحد من السلبيات في سلوك أفراد المجتمع بصورة عامة وداخل الأسرة بصوره خاصة، حتى يعم الاستقرار بين الأسر بعيداً عن كل الأخطار التي تهدد أمن الأبناء وخلق أمراض نفسية وعصبية تدمر مستقبل الأجيال. نماذج لجرائم الأقرباء تعرض المجتمع السوداني إلى العديد من جرائم قتل «الأقرباء»، ومن نماذجه أن يقتل الزوج زوجته، وآخر حرقت الزوجة زوجها عند اكتشافها الغدر والخيانة منه، ومن أبشع الجرائم تلك الحادثة التي وقعت في أمبدة عندما قام الابن بقتل أمه وشقيقه ذبحا بالسكين نتيجة شجار حاد وقع بينهم، وبلاغ آخر عن مجزرة بشعة شهدتها منطقة جريجخ بمحلية بارا، راح ضحيتها ستة أشخاص من أسرة واحدة على يد رب الأسرة عندما أقدم على قتلهم بفأس أثناء نومهم، وقالت مصادر موثوقة إن رب الأسرة استيقظ عند الساعة الرابعة صباحاً وتوجه إلى منزل زوجته الصغرى وانهال عليها ضرباً بفأس حيث أرداها قتيلة، ثم توجه إلى منزل زوجته «الأولى» فقتلها هي وبنتيها وطفلها البالغ من العمر «12» عاماً ضرباً بذات الفأس. ومن ثم توجه إلى منزل ابنه وحاول قتل زوجته لكنها تمكنت من الهروب فقتل شقيقتها الصغرى ب«ساطور» قبل أن يتوجه إلى مركز شرطة المنطقة ويسلم نفسه للسلطات. وقالت المصادر إن الشرطة دونت بلاغا وزارت مكان الحادث لمعرفة دوافع الجريمة. وسبق أن حدثت أفظع جريمة نفذها شابان راح ضحيتها خالهما، وذلك إثر قيامهما بضربه بالعصي وسددا له طعنات قاتلة بسكين بعد أن سقط مغشياً عليه جراء تلقيه ضربات بعكاز، وشهدت منطقة الحاج يوسف في وقت سابق حرق إمرأة لزوجها داخل برميل بعد صب البنزين عليه لتحيل جثته الى سواد غير واضح المعالم. قوانين مشددة لجرائم القتل أكد المحامي أحمد خليفة ل «الإنتباهة» أن أحكام القانون الجنائي تسري على كل شخص يرتكب جريمة القتل، ويتعرض إلى أشد العقوبات الرادعة التي تصل حد الإعدام في حالة إثبات التهمة وتقديمها للقضاء تحت المادة «130» من القانون الجنائي، فيتجه القانون إلى فصل القضاء في القضية التي أمامه وهي جريمة القتل بعيدًا عن علاقة المتهمين بالمجني عليه، ويسعى قانون السودان إلى الحد من جرائم القتل بين «ذوي القربى» بوضع قوانين مشددة حتى يكون هناك حذر من الجاني أو الشخص الذي يشرع في ارتكاب الجريمة. اسباب نفسية لجريمة القتل تقول الباحثة في علم النفس والاجتماع رشا عبد الرحمن: إن الأشخاص الذين يقترفون مثل هذه الجريمة هم أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية واضطرابات في السلوك تجعلهم لا يقدرون خطورة أعمالهم، وعندما نلاحظ ما وقع نرى أنه لا يرقى إلى مستوى ظاهرة، ولكن الأمر يتعلق بأحداث أشخاص معدودين، أي عبارة عن أحداث مجتمع تقع بين الحين والآخر، وهذا لا يعني أن السودان هو الدولة الوحيدة المهددة بظاهرة قتل المحارم أو تعذيبهم، وإنما أصبحت ظاهرة عالمية يتوجب علينا محاربتها. أسباب انتشار جرائم قتل المحارم وتضيف الباحثة أن الأسباب الكامنة وراء انتشار جرائم قتل المحارم تنقسم إلى نوعين، فهناك أسباب عامة يشترك فيها المجتمع، وأسباب خاصة بكل مجتمع. فمثلاً في المجتمعات الفقيرة يكون الدافع وراء عدد كبير من الجرائم هو الفقر والضغوط النفسية التي تفقد السيطرة على العقل، إضافة إلى التربية والخروج المبكر من المدرسة، إلى غير ذلك من الأسباب التي تسهم في تكوين أشخاص جانحين يشكلون خطورة على المجتمع، ولكن هذا يعني أن الجريمة بالفعل هي من الأخطار التي تهدد الأفراد والجماعات، وأنه يجب التعبئة واليقظة والحذر لمحاربة الجريمة، سواء أكانت ضد راشدين او أطفال، فالجريمة تبقى دائما جريمة، لكن بالنسبة للرأي العام تكون جريمة قتل الحارم أكثر وقعا عليه، لأن ضحيتها أسر، أو تكون رب المنزل أو أطفال أبرياء ليست لديهم قوة للمقاومة والدفاع عن النفس، مما يجعلها أكثر تأثيراً على الرأي العام، وأكثر إثارة لمشاعر الاستنكار والغضب. وأشارت الباحثة إلى أن ما يطرح حول الجريمة ليس القضاء عليها بصفة نهائية، وإنما الحد من خطورتها وضبطها ومعاقبة مرتكبيها بشكل عقلاني يجعل هذا العقاب يحد من السلوك الإجرامي، أما طموح اختفاء الجريمة فهو طموح تسعى إليه كل المجتمعات ، لكنه بعيد المنال، وأضافت أن المفروض في المجتمع تشديد العقوبة المتعلقة بها ضد الجناة، أي على الأقل تجنيب الأطفال والعجزة وذوي الحاجات الخاصة أن يكونوا ضحايا لهذه الجرائم، كما أن الأسرة تبقى المدرسة الأولى لتحصين الأفراد ضد كل سلوك جانح والارتماء في أحضان الجريمة ، بالإضافة إلى أن المدرسة تكمل عمل الأسرة وتعطي قيما إيجابية لأبنائهم حتى يكونوا مواطنين مندمجين بشكل إيجابي داخل المجتمع، ويعملوا على بنائه وتقدمه، وليس العمل على تحطيمه والإخلال بضوابطه..