.. عذراً.. فنحن معك في كل ما ورد عنك في خطابك «عذراً أمير القاعدة» والذي وجهته إلى الدكتور أيمن الظواهري.. فليس في الأمر خفاء بعد اليوم.. فقد اصبح الجهاد اليوم هو الشغل الشاغل للأمة.. والذين لهم حظ في النظر يعلمون ان هذا الحراك الجهادي الشامل لن ينتهي إلا إلى غاية.. وما يوم حليمة بسر. نحن معك في كل شيء إلا في الاقل القليل، أولاً: لسنا طرفاً في الخلاف بينكم وبين الظواهري.. ولن ننصر احدكم على الآخر.. وهذه قضية جوهرية.. وارجو الا يكون قد فات عليك ذلك.. ثانياً: نحن لسنا معكم في تكفير الأمة.. ذلك ان تكفير الأمة يتخطى تكفير الاعيان والافراد، ونحن متوقفون في تكفير الأعيان الا على الشرط الوارد في الحديث الصحيح حديث عبادة بن الصامت.. «إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم عليه من الله برهان».. فمن باب اولى التوقف في الاطلاق التكفير. ومع ذلك فنحن لسنا مع القائلين بعدم الخروج على الحاكم قولاً واحداً مطلقاً لا يأتيه الباطل ولا الاستثناء.. من بين يديه ولا من خلفه. ولو صح الإطلاق فقد تودع من دولة الاسلام إلى يوم القيامة.. اذ كيف تقوم ونحن لا نجيز الخروج على الحاكم حتى وان كان كفره بواحاً.. إن قوله صلى الله عليه وسلم «إلا ان تروا كفرا بواحاً عندكم عليه من الله برهان». وهو الترياق من القول بكفر الأمة.. لأن الأمة اذا كان حكامها كلهم كفرة فهي أمة كافرة.. ولوجب ان يبعث الله سبحانه وتعالى اليها رسولاً بعد محمد صلى الله عليه وسلم وحاشا ذلك ان يكون. ورغم اعترافنا بأن جميع حكام الامة اليوم يحكمون بغير ما انزل الله.. الا انهم في ذلك ليسوا على ديوان واحد .. اذ كيف يتساوى اهل الاقرار واهل الانكار.. لو ساوينا بينهم جميعاً لتعسرت.. بل استحالت.. بل بطلت سنة المدافعة .. بل حتى سنة المناصحة تبطل ايضاً. ان الذي لا اشك فيه ان السيسي وبشار والمالكي في ديوان واحد.. ومعهم ايران.. وهؤلاء يقاتلون فريضة.. ولا يحول دون ذلك إلا عدم الاستطاعة.. او الاجتهاد الذي جعلكم تغضون الطرف سنين عدداً عن رأس الكفر ومنشأه ومنبعه بسبب مصالح الدعوة التي كانت سوف تتعطل ولتوقف الجهاد.. وتعطلت سنة المدافعة. ان كل الباقين.. عدا هؤلاء الثلاثة.. معطلون لشرع الله ولكن على تفاوت.. وعلى درجات ولا يجوز قتال هؤلاء قبل الدعوة وقبل المناصحة وقبل التأكد من مصلحة الدعوة.. ومصلحة الامة بل مصلحة شعوبها. إن الأخطار التي تحيط بالامة.. وبالجهاديين وعلى وجه الخصوص من الضخامة بحيث لا اظنها تخفى عليكم وان كانت لم المس في خطابكم «عذراً أمير القاعدة» انكم تتهيبون أو تتوجسون أو على اقل تقدير تحسبون لمثل هذه الأخطار التي لا تقل عن طلب ابادتكم واعادة الامة إلى حالة الذل والخنوع والانكسار التي اراد الله لها ان تخرج منها. إن قضية حل الخلافات بين الجماعات الجهادية قضية جوهرية .. لأن هذه الجماعات إذا كنت تسعى جادة وصادقة لاقامة دولة الخلافة.. فدولة الخلافة عليها أمير المؤمنين وهو رجل واحد.. وانتم رجال!! ان الخلاف ينفر الناس خاصة الشباب من الجماعات الجهادية، وهو يؤخر الانتصار ولا يلغيه لأن النصر قادم لا محالة سواء اتفقتم ام اختلفتم. ان كلا طرفي قصد الامور ذميم.. اطلاق التفكير.. واطلاق تحريم الخروج.. والقصد بينهما هو المناصحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. سراً وجهراً حسب مقتضى الحال.. وهذا حصاد العلماء والفقهاء والمفكرين. ألم يؤت رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم؟! ألا تعجبون من قوله «سيد الشهداء حمزة.. ورجل قام إلى امام جائر فأمره ونهاه فقتله» وكيف سوى بين الشهيدين وكل واحد منهما شهيد.. احد الطرفين حمزة قتله كافر أصلي ويساويه كافر كفراً بواحاً عندنا عليه من الله برهان.. والشهيد الآخر قتله جائر ظالم من حكام الأمة المسلمة.. ولم يقل كافراً ولم يشترط الكفر. عذراً أبا محمد العدناني.. فإن اكبر واعظم قاعدة من قواعد علم الانتصار.. وللانتصار علم.. وعلم الانتصار خلاف فن الحرب ومبادئ الحرب.. إن أعظم هذه القواعد الاتفاق الكامل والشامل والمصالحة التامة والقاطعة بين السيرة والسريرة. إذا أصلحت سيرة المجاهدين وسريرتهم جاءهم النصر سريعاً.. هرولة.. ولأن السريرة لا يعلمها الا الله فقد انزل الله سبحانه وتعالى «ما النصر إلا من عند الله». ان النصر الحقيقي تجلبه السيرة.. المصادقة للسريرة.. اذا حسنتا.. وهو شرط صحة لا يكون ولا يتم النصر إلا بعد تحققه من شرط!! ان الهزائم المتلاحقة التي منيت بها الامة في قرونها المتأخرة ليست نابعة الا من مصادمة السيرة والسريرة.. عذراً ابا محمد العدناني.. ان الأمة شهداء على السيرة والله شهيد على السريرة.. فأرونا من السيرة ما تطمئن به النفوس. وتتقوى به العزائم.. ويدنو به النصر.. والله يعلم بالسرائر.