صدر أمس الأول من داخل مقر الأممالمتحدة بنيويورك مكتب الأمين العام التقرير الجديد للأهداف الإنمائية للألفية 2014 وهو تقرير مهم لانه يشتمل على معلومات مؤكدة وإحصائيات دقيقة ودراسات مستفيضة في كل اشكال التنمية في دول العالم، وبحسب البيان الصحفي الذي تم توزيعه على وجه السرعة بعد الساعة العاشرة من صباح الإثنين وهو الوقت غير المحظور بحسب السرية التي كانت تغلف التقرير قبل النشر، وقد تم توزيعه على العديد من المراقبين وأصحاب المصلحة والدول الأعضاء ومراكز البحوث وغيرها، ويعتبر تقرير الأهداف الانمائية من أهم التقارير السنوية للأمم المتحدة، وهذا التقرير يكتسب اهميته كونه يسلط الضوء على مجمل الأوضاع التنموية والاجتماعية والصحية والتعليمية في كل دول العالم وبالتالي يصلح لان يكون دراسة جدوى لمشروعات تنموية جيدة يستفيد منها من يفهم محتويات التقرير ويستخلص منه الثمرات المفيدة. بيد أن أجود ما يمكن استخلاصه من تقرير الأهداف الانمائية للألفية 2014 هو البحوث الاقتصادية المبنية وفق رقابة صارمة والخلاصات المدعمة بالأرقام على مجمل النشاط الاقتصادي في العالم، ويمكن الاستفادة من الحقائق الواردة فيه خصوصاً الفقرات الواردة فيه عن العلاقة بين الدول الصناعية الكبرى والدول الاقل نمواً وكيفية تدارك معضلة عدم توازن ميزان القوى في العالم جراء احتكار القلة القليلة للثروة والصراع المستمر للأغلبية في سبيل البحث عن لقمة العيش.. جاء في التقرير «بعد سنتين من الانخفاض، بلغت المساعدة الانمائية الرسمية رقماً قياسياً مجموعه «134.8» بليون دولار في عام 2013م غير أن المعونة لم توجّه إلى أفقر البلدان التي تتخلّف فيها عن الركب تخلّفاً شديداً الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وقد وردت إلى البلدان المتقدّمة النمو 80 في المائة من صادرات البلدان النامية معفاة من الرسوم، وانخفضت التعريفات الجمركية إلى أدنى حدّ لها. وظلّ عبء ديون البلدان النامية مستقراً في حدود «3» في المائة من عائدات الصادرات، وهو ما يمثّل انخفاضاً بحوالي «75» في المائة منذ عام 2000م». هنالك حاجة ملحة للتنمية في البلدان النامية ورغم أننا في السودان، ظلت تقارير التنمية تحفل كل عام بتخصيص ميزانيات مهولة تحت بند التنمية إلا ان الشاهد في المسألة انه وخلال خمسة وعشرين عاماً من التخصيص والتصرف باسم ميزانيات التنمية لم ترصد المنظمات الناشطة في مجال مراقبة معدلات التنمية اي تقدم محرز في هذا الإطار ولعل الأسباب معروفة وتكمن في استشراء الفساد بحيث يلتهم كل الأموال المخصصة للتنمية بعد ان يفلح إبتداءً في اقناع الجهات التشريعية والتمويلية المختصة بضرورة تخصيص تلك الأموال... هذا سبب، والسبب الثاني ان السودان لا يزال يقبع في أدنى ذيل قائمة الدول المفتقرة إلى تقانة المعلومات ووسائل تحليلها وتوظيفها وتشبيكها مع الأجسام المماثلة للاستفادة من التقنيات الحديثة في ضبط وتوجيه موارد البلاد نحو التنمية الصحيحة والمستدامة، فقد جاء في التقرير تبيين لمواضع الخلل التقني حيث يقول التقرير إنه رغم التقدّم الملموس المحرز في السنوات الأخيرة، فإن توفّر إحصاءات موثوق بها لرصد التنمية يظلّ ناقصاً في العديد من البلدان، لكن تحسين الإبلاغ الإحصائي بشأن الأهداف الإنمائية للألفية قد أفضى إلى نتائج حقيقية وعلى سبيل المثال، فإن عدد الدول الأعضاء التي تقدّم تقارير مرحلية بشأن فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز قد تزايد من «102» دولة في عام 2004 إلى «186» دولة في عام 2012 وهذا ما عمل على تعزيز الجهود على المستوى العالمي للقضاء على هذا الفيروس الكارثي وقد تضاعف ثلاث مرات تمويل برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية مقارنة بما كان عليه في عام 2004، واستفاد من العلاج المضادّ للفيروسات المعكوسة في عام 2012 حوالي «9.5» ملايين مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية ويعكس تقرير الأهداف الإنمائية للألفية الذي يعدّ تقييماً سنوياً للتقدّم المحرز على الصعيدين العالمي والإقليمي نحو بلوغ الأهداف، أشمل وأحدث البيانات التي جمعها ما يزيد عن «28» وكالة من وكالات الأممالمتحدة والوكالات الدولية والصادرة عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأممالمتحدة.