يا عين الشمس مالك علي كشرتي مين الزعلك وعلى العباد حمرتي قليتي الناس قلي في عذابنا ما قصرتي أظن لو كنتي صايمة معانا كنتي فطرتي شمس الدين حسن الخليفة حكايات في الزمن الضائع ديك الحلة أصيب بالسعال الديكي. ذهبنا به للعيادة البيطرية. لم نجد دواءً. بحثنا في جميع الصيدليات التي تبيع أدوية حيوانية. لم نجد دواءً. طبيب بيطري حصيف نصحنا قائلاً: كل الصيدليات الموجودة تبيع دواءً للسعال الديكي الذي يصيب الإنسان وحسب علمي لا يوجد علاج للسعال الديكي الذي يصيب الديك. وهكذا قضى ديكنا وعن ديارنا مضى مأسوفاً على صياحه في الفجر. الخوف من السكر قال لي وهو يمسك سماعة التليفون بيده: لقد حاصرني الفقر سنين طويلة لم أتذوق فيها طعم الحياة.. قضيت كل وقتي أجري وراء لقمة العيش. لم يعرف وجهي شكل الابتسامة. انصب كل غضبي على زوجتي ونصف الدستة من الأطفال الذين خلفتهم.. وألقيت كل اللوم عليها وعلى ذريتها. وكما تتفتح الأبواب والخزائن فجأة أمام سعداء الحظ وجدت نفسي أمام ضربات متلاحقة من الحظ السعيد وكان مدخلي إلى ذلك السوق السوداء التي أصبحت ركناً من أركانها. والآن وأنا احتفل بملياري العشرين الذي جمعته بعرقي وسهري وتعبي أجد نفسي محاصراً بملياراتي هذه فليس لدي الوقت لاستمتع بالحياة فالموبايل لا يتوقف لحظة واحدة عن الرنين في مكتبي ومنزلي وكل مكالمة تجر إلى مكالمة أخرى وتنتهي إما بأن أكون قد وقعت صفقة أو أكون في حالة توقيع صفقة أو أكون في طريقي لتوقيع صفقة. وعندما كنت فقيراً كنت محاصراً بآلام المفاصل والجسم وتقلص العضلات والملاريا، ولكني الآن أصبحت فريسة لأوهام الخوف من مرض السكر وضغط الدم والجلطة والنوبات القلبية والسرطان وكل الأمراض التي ستحرمني من الاستمتاع بملياراتي هذه. قال هذا الكلام وهو يضع سماعة التلفون ويلتقط السماعة الأخرى ويعطي أوامره بشراء وتخزين كل السكر الموجود في السوق لحين إشعار آخر، ثم يلتفت إلي ويقول: إنت عارف بقيت أخاف من مرض السكر. إستراتيجية حِنّة بيت البكا الشيء المتعارف عليه لدى جميع أجناس الأرض وشعوبها هو الحزن على فراق الأحباء مهما كان نوع الفراق حتى لو كان السبب هو السفر أو انتقال السكن من مكان إلى آخر يظل محزناً رغم أن الأمل فى اللقاء موجود. ولا شك أن الموت أشّد الفراق وقعاً إذ تنتفى فيه إمكانية اللقاء بعده فى هذه الحياة الدنيا فيختلف سكان المعمورة فى التعبير عن الحزن، منهم من يعزف لحناً حزيناً، ومنهم من يتوشح سواداً حتى ولو رابطة العنق أو ارتداء نظارة سوداء وما إلى ذلك من أساليب التعبير عن الحزن. أما فى دار الغبش فيختلف الأمر كثيراً وخاصة عند بعض النساء اللاتي يذهبن للتعزية، فمهما كانت إحداهن تبدو عادة غبشاء إلا أنها عند الذهاب إلى «بيت البكا» يجب عليها أن تتلمّع وتتصنفر زى عربات الدلالة خاصة تلك التى لم يمض على زواجها سوى بضع سنين، فلزاماً عليها أن تذهب وهى «نايرة» وإلا تكون صيداً للشمشارات ويبدأ الغمز واللمز فى فلانة التى جاءت يا كافى البلا ويا حايد المحن مبشتنة ومرمّدة التقول شايلة الحفة، وتتبّرع إحدى الحاضرات للدفاع عنها معللة تلك البشتنة بحدادها على حبوبتها المتوفية قبل مدة، وتصيح أخرى «أجي !! حبوبتا حبوبة اليوم ما من سنة حفروا البحر أصلها ماتت فى الوضوع ؟؟» ويستمر النقاش سجالاً بين معترضة على البشتنة وبين معللة لها. ولتجنب كل ذلك فقد ابتكرن ما تسمى «حنة بيت البكا» وهى كما ذكرت لى أم العيال ينقش باطن الأرجل و ظاهرها معاً بصبغة معينة لأنها سريعة ولا تحتاج إلى نشادر أو ليمون أو أي مثبت آخر لتلتحق بركب جاراتها اللاتي سيذهبن للتعزية، وعند الدخول إلى بيت العزاء وخلع النعال للتعزية هنا يبدأ العرض فتجلس جلسة تمكن كل الحاضرات من النظر إلى حتى أخمص قدميها المرسومة بالحناء وتتظاهر بعدم الاهتمام بنظرات الإعجاب من بقية المعزيات وتسترق النظر خلسة لترى ردود الفعل من عبق البخور وكمية العطور التى تنبعث منها. أما التى تزوجت حديثاً فترتدى كل ما قامت بارتدائه فى ليلة الجرتق من ملابس وحلي، وكل ما يهمها هو أن تبدو عروسة للناظرين. والمرحوم الله يغفر ليهو ويوسِّدوا الباردة.. المسكين «ميت» ما شافش حاجة.