بمناسبة الانهيار البيئي الذي يشهده العالم اليوم لا أجد تعبيراً أبلغ من تعبير الشيخ الشنقيطي وقد بعث به لي على بريدي الإلكتروني الأخ عاطف عمر مكاوي. «بَقِيَ الشَّيْخُ العَلاَّمَةُ مُحَمَّد الأَمِيِن الشِنْقِيِطِيِ رَحِمَهُ اللهُ يَبْكِيِ مَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ لَمَّا بَدَأَ بِتَفْسِيِرِ قَوْلَ اللهِ تَعَالَىَ: «وَلا تُفْسِدُوُا فِيِ الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا». وَأَخَذَ يُرَدِّدُ: الأَرْضُ أَصْلَحَهَا اللهُ فَأَفْسَدَهَا النَّاسُ». عندما جعل الله سبحانه وتعالى الإنسان خليفة على كوكب الأرض لم يجعله خليفة على كوكب متصدع البيئة، ليس فيه أدنى مقومات للحياة، بل هيأ له الأرض وجعل فيها نظاماً موزوناً على درجة عالية من الإتقان «والأرض مددناها، وألقينا فيها رواسي، وأنبتنا فيها من كل شيء موزون». ثم أنه من قبل ذلك أحاطها بسياج واق من الأشعة الضارة كالأشعة فوق البنفسجية والأشعة الكونية «وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً»، فعلى مسافة ستة عشر ميلاً هناك مساحة ترتفع ثلاثة آلاف ميل محشودة بغاز الأوزون التي تعمل ذرات الأكسجين الثلاث فيها ليلاً ونهاراً متصدية لتلك الأشعة الضارة، ولكن استعمال الإنسان لمواد كيميائية ضارة تعرف بمركبات الكلوروفلورو ميثينز والمواد المتصاعدة من غاز الفريون وغازات التجارب النووية وغيرها كلها تتحد لتكسير ذلك السياج الواقي. وكانت النتيجة أن أحدثت ثقباً في الأوزون يزيد على مساحة قارة إنتاركتيكا ومنه تسربت الغازات الضارة التي أدت إلى تزايد حالات سرطان الجلد والماء الأبيض في العيون وحالات الإجهاضات في الحيوانات وزيادة الفياضانات. الإنسان لم يحسن التكليف بالخلافة بل تمادى في تدميره للنظم البيئية بما ينتجه من ملوثات للمياه والهواء والتربة، وقد تسبب كل ذلك فيما بات يعرف بالإنبعاث الحراري الذي تمثل في الفيضانات وتقلص الرقعة الزراعية وازدياد الأوبئة وكل مظاهر الضيق الذي تشكو منه البشرية اليوم. ولا نجاة للإنسان إلا بإعادة النظر في مسيرته الطويلة ومحاولة إصلاحها، فالأرض التي أصلحها الله وأحكم قوانينها المتوازنة جاء الإنسان ليفسد فيها. ولهذا بكى الشيخ الشنقيطي وكأنه يقرأ من خلال حجب الغيب ما ينتظر الإنسان من مصير مظلم. وقد ظل الناس يرددون كالببغاوات: العقل السليم في الجسم السليم، متناسين أهم ضلع في هذه المعادلة وهو البيئة السليمة، فالعقل السليم في الجسم في البيئة السليمة. إذ أن البيئة غير السليمة لا يمكن أن تنتج عقلاً سليماً ولا جسماً سليماً، وعلينا أن نضع هذا الشعار في منظوره الصحيح ونثبته في نداءات المنظمات الكشفية. حاجة أخيرة: ديك الحلة أصيب بالسعال الديكي. ذهبنا به للعيادة البيطرية، لم نجد دواءً. بحثنا في جميع الصيدليات التي تبيع أدوية حيوانية، لم نجد دواءً. طبيب بيطري حصيف نصحنا قائلاً: كل الصيدليات الموجودة تبيع دواءً للسعال الديكي الذي يصيب الإنسان وحسب علمي لا يوجد علاج للسعال الديكي الذي يصيب الديك. وهكذا قضى ديكنا وعن ديارنا مضى مأسوفاً على صياحه في الفجر.