لم تنعم العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي بالهدوء منذ فترة طويلة، حيث تتعدد جبهات القتال رغم مرور فترات انتقالية أولى وثانية وثالثة، دون أن يلوح في الأفق بصيص من نور، وفي أيام عيد الفطر الذي كان بطعم البارود شهدت مدينة بنغازي الليبية اشتباكات عنيفة بين المليشيات المتمردة على الثورة بقيادة اللواء خليفة حفتر ومجلس شورى ثوار بنغازي، التي أدت لهزيمة متمردي الثورة المضادة وهروب قائد المليشيات اللواء خليفة حفتر لمصر بحسب ما علمت «الإنتباهة»، الذي قام فور وصوله بالاجتماع مع مسؤولين مصريين رفيعين بالدولة في محاولة منه لإعادة نظام حكم القذافي بليبيا، وفي السياق نفسه يكشف الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني الدكتور إبراهيم حمامي عن بعض التفاصيل الخاصة بالأحداث الجارية في الأراضي الليبية وطبيعة الصراع القائم هناك، مؤكداً أن الثورة المضادة خسرت المعركة في ليبيا، حيث قال في مقال له نشر بصحيفة «العربي الجديد» بأن توصيف ما يجري في ليبيا بأنه صراع بين الثوار كما تروج بعض القنوات المدعومة من بعض دول الخليج الداعمة لحفتر، أو أنه صراع بين مصراتة والزنتان كما يروج له أتباع حفتر وجبريل، أو حتى كونه صراع بين جيش وطني وجماعات متطرفة كما تروج له القنوات المصرية، وأشار حمامي في مقاله إلى ما قاله الناشط فتحي الورفلي حول تلخيص الأحداث الجارية في ليبيا قائلاً ما يجري في ليبيا هو أن بعض الذين تم إقصاؤهم بقانون العزل السياسي وبقايا المنظومة السابقة، ومن لم يتمكنوا من الحصول على مناصب اجتمعوا في حلف واحد للانتقام من خصومهم مستخدمين شماعة الحرب على الإرهاب، فوضعوا الجميع في سلة واحدة، وأضاف حمامي إذن المواجهة الحالية هي بين الثوار الذين أسقطوا القذافي، وبين عناصر تابعة للقذافي مع بقايا عسكريين بتمويل ودعم عسكري خليجي ومشاركة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لوأد الثورة في ليبيا، ويبين المحلل الفلسطيني بان الأمر ليس اقتتالا ًًوفوضى عمياء بلا هدف، ولا هو شجار بين ثوار الناتو وإنما هو صراع بين الثورة والثورة المضادة، بين الإسلاميين وعملاء أمريكا، وأشار الدكتور إبراهيم حمامي إلى أن الرئيس المصري السيسي جاهر بدعمه لحفتر، ونقله للأسلحة الخليجية التي عرضها الثوار في ليبيا بعد أن استولوا عليها ومنها مدرعات نمر، وأن هناك تقارير تحدثت عن تورط مصري مباشر عبر إرسال جنود وقوات قاتلت دعماً لحفتر وقُتل منها من قتل، على أن يكون في الواجهة حفتر ، وأكد حمامي أن الثورة المضادة في ليبيا تلقت ضربة قوية جداً خلال اليومين الماضيين، بل لا نبالغ إن قلنا هزيمة نكراء للمشروع الخليجي المصري هناك -على حد قوله-. أما بالنسبة لأوضاع السودانيين بليبيا خلال الأحداث الماضية، فلقد أكد الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج حاج ماجد سوار، حرص السودان حكومة وشعباً على أمن واستقرار دولة ليبيا، وقال إن السودان ظل ينأى بنفسه عن أية صراعات داخلية للدول مبيناً أن هذا ما ظلت تعبر عنه وزارة الخارجية في بياناتها دوماً، مشيراً الى أن الوجود السوداني في ليبيا يقدر ب«200» ألف نسمة وأن بعضهم قضى عشرات السنين بليبيا واصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي، وهناك جيل ثان وثالث من السودانيين بليبيا، وأكد سوار انه ليس هنالك استهداف منظم للسودانيين بل ما يسقط من الضحايا هو نتيجة للاستخدام الكثيف والعشوائي للسلاح، كما كشف حاج ماجد بأن هنالك سبعة سودانيين دخلوا الى مصر عن طريق الإسكندرية تم احتجازهم من قبل السلطات الأمنية بمصر داخل غرفة بالمطار، وتمكنت غرفة عمليات جهاز المغتربين بالتواصل معهم وبحمد الله وصلوا الى البلاد، وأعلن حاج ماجد أن مطار الخرطوم استقبل فجر امس طائرة قادمة من مطار معيتيق تحمل سودانيين، مؤكداً بأن الاتصالات جارية مع الخطوط الافريقية عبر وزارة الخارجية والسفارة. وقال اننا نتوقع ان تنتظم الرحلات الجوية ويتم نقل السودانيين الراغبين في العودة الى الوطن، وفيما يختص بإجلاء السودانيين المقيمين بليبيا قال حاج ماجد سوار، إن قرار الإجلاء هو قرار سياسي لا يتخذه جهاز المغتربين لوحده أوالسفارة أو وزارة الخارجية بل هو قرار سياسي تتخذه رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء. أخيراً إن هزيمة الثورة المضادة بقادة فلول القذافي وهروب قائدها حفتر الى القاهرة بعد الخسارة التي مني بها، بعد خسارته لكل معسكراته ومواقعه في شرق ليبيا، تبشر بعودة الامن الى ليبيا خاصة بعد أن اجتاح الثوار ولم يتبق إلا موقعين «مطار ومرتفعات الرجمة وبنينا»، وفي طرابلس، مُنيت كتيبتا الصواعق والقعقاع التي تضم فلول القذافي بهزيمة نكراء، حيث فقدتا الكثير من مواقعهما هناك، ومنها مراكز حصينة وعلى رأسها وزارة الداخلية والفروسية، أما في مطار طرابلس، فقد استطاع الثوار في حملة «فجر ليبيا» من طرد بقايا المليشيات المتمردة من المطار، بعد أن أحرقت ودمرت المليشيات معظم الطائرات.