من خلف أستار التقاليد السودانية أتت الفنانة المحترمة أم بلينة السنوسي، لتؤكد مكانة المرأة في اقتحام عالم الغناء والموسيقى.. من أسرة صوفية لم تمانع كثيراً في امتهان ابنتها الفن لما لمسوه من رغبة صادقة لديها في الغناء المحترم البعيد عن الابتذال. بقرية «أم سروال» بضواحي النهود كان ميلادها الذي بدأت منه أولى خطوات تلمس درب الفن الغنائي باعتبارها تنتمي لقبيلة الحمر التي اشتهرت بالحكمة والغناء الشعبي. تلقت أم بلينة السنوسي دراستها الأولية بالنهود ثم التحقت بفرقة فنون كردفان وهي صغيرة السن.. فكان أن تعهدها بالرعاية كل من جمعة جابر وأقطاب الفرقة لما رأوا فيها من موهبة واضحة صوتاً وأداءً. وساعدتها في ظهورها الأول عبر فرقة فنون كردفان موهبتها التي نمت بالأبيض عبر غناء البنات بمصاحبة «الدلاليك» في مناسبات الأعراس والختان وغيرها. قبل التحاقها بفرقة فنون كردفان أتت الإشارة من الهرمين أحمد محمد هارون وجمعة جابر بتشجيعها ودعوتها للانضمام لفرقة فنون كردفان. التقت من داخل نشاط الفرقة بكل من الراحل إبراهيم موسى أبا وفاطمة عيسى.. فكانت كثافة التدريبات السبب الرئيس في ظهورها اللافت كصاحبة صوت نسائي جدير بالمتابعة. تغنت خلال مسيرتها الغنائية بالعديد من الأعمال التي ظهرت في فترتي الستينيات والسبعينيات وهي «أرحموني يا ناس» كلمات أحمد محمد هارون و «سعيد» كلمات عوض جبريل، والأغنيتان من ألحان علاء الدين حمزة. وتركت الغناء كثنائي بمحض الصدفة وذلك حين سمعها الفنان محمد وردي ومحمد الأمين وهي تدندن بالعود بدار الفنانين.. فكانت رحلتها مع الغناء بمفردها، وقبل ذلك كان أن أجيز صوتها من قبل لجنة الأصوات بالإذاعة.. وفي تلك الفترة تغنت بأغنية «وداد» وهي من كلمات السر محمد عوض وألحان علاء الدين حمزة التي كانت في فترة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من أشهر أغاني الأصوات النسائية. وبعد ذلك تغنت بأغنية «طيبتو محبباه» التي كتب كلماتها الشاعر اسحق الحلنقي، وتعتبر أغنية «مع الأشواق» التي كتب كلماتها الشاعر تاج السر عباس ولحنها محمد سليمان المزارع هي الأغنية التي تغنى بها عدد من الأصوات النسائية التي ظهرت فيما بعد. وشاركت بمهرجان فنون كردفان الذي أقيم بالأبيض في عام 1970م بأغنية «خطابك الجاني» وهي من كلمات الشاعر خليفة الصادق وألحان علاء الدين حمزة. واستفادت كثيراً من معاصرتها للفنانة الرائدة عائشة الفلاتية بجلوسها المتواصل معها.. وشاركت مع الفنان محمد الأمين في أداء الملحمة في عام 1968م، وكان المقطع الذي يقول: «وكان القرشي شهيدنا الأول» الذي تقول عنه إنها أدته عدداً من المرات حتى اقتنع به الفنان محمد الأمين. في مسيرتها الغنائية تبرز حالة احترامها لفنها وغنائها، وهو السبب الذي جعلها واحدة من أصوات الغناء النسائية التي يحترمها الجميع.