كان وهج الأمس يتحدث حول ذات الموضوع وهو المخدرات السلاح الفتاك الذي يصوَّب على رؤوس الشباب تحديداً فيفتك بعقولهم ويدمرهم ويحدث الخراب، حيث أن الشباب هم ركيزة البناء للمستقبل. مشكلة المخدرات مشكلة كبيرة لا يمكن أن يُسكت عليها، بل تحتاج لمواصلة واستمرارية في أساليب المكافحة والمعالجة بصورة تجعل انتشارها محصوراً في نطاق ضيق، حتى تتم السيطرة عليه واجتثاثه. حتى اللحظة الناس لا يدركون خطورة هذه المخدرات واتساع رقعتها وانتشارها بصورة مزعجة ومقلقة حقيقة. وكثير من جرائم تعدي الأبناء على والديهم تكون نتيجة إدمانهم لهذه المخدرات، وهذا الإدمان يقود كثيراً لجريمة القتل لأحد الوالدين أو كليهما.. إذا تعذر الحصول على المال الذي يمكن المدمن من شراء هذه الآفة.. وهو دافع كبير جداً لإتيان جرائم السرقة من داخل البيت وبيع الذهب الخاص بأفراد الأسرة، وقد تقوده حالة الإدمان لبيع البيت الذي تسكن فيه الأسرة دون علم الوالدين إلا لاحقاً.. حينما تلتف حوله الشللية المنحرفة من المروجين والتجار والأصدقاء. كثير من المدمنين أفلسوا بآبائهم ولحقوهم «أمات طه». إدمان المخدرات له أسبابه.. إما الانتقام من الوالد إذا كان تاجراً ناجحاً أو وزيراً أو مسؤولاً كبيراً.. ودائماً المجرمون يستهدفون أبناء أمثال هؤلاء بغرض الابتزاز ومن ثم إفلاسهم وتدميرهم نتيجة الحقد والحسد. وهذا يمكن أن يحدث نتيجة لغياب المسؤولين عن منازلهم وأسرهم لفترات طويلة لهثاً وراء المناصب والكراسي التي لا تجلب غير دمار الأسر وتحطيمها ومن ثم خراب المجتمع. إذن نحن نتفق على أن بداية الخلل تكون بالأسرة ثم ينتقل إلى المدرسة ثم المجتمع، لتساعد عوامل كثيرة وسيطة في جعله النشاط المهم لدى هذه الشرائح. الشريحة التي تنتقل فيها نيران المخدرات كانتقال النار في الهشيم هي شريحة الشباب، حيث المراهقة والتقليد وإثبات الشخصية والصراعات بين الكبار، فيروح ضحيته الصغار الشباب. العالم الآن يشهد صراعات اقتصادية وتدميراً قاسياً له نتيجة تجارة المخدرات والعمل فيها.. فمشكلات غسيل الأموال وغيرها من التدهور الاقتصادي، تجد المخدرات واحداً من العوامل الرئيسة في فيها. اللواء المكي مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات كنت في حديث معه مطول عبر الهاتف.. ووجدت الرجل قلقاً جداً لهول مشكلات هذه المخدرات ومهموماً بقضيتها.. وهو دائماً يردد أنه لوحده كإدارة لن يفلح أبداً في علاج هذه المشكلة إذا لم تتضافر معه كل الجهود كما قلنا بالأمس تماماً، حيث اتفق معنا في ما قلناه أمس عبر ذات «الوهج» بأن المشكلة تحتاج لعون المجتمع بأكمله بكل مؤسساته ووحداته وإداراته وأفراده بنقل المعلومة وتسليمها لجهات الاختصاص متى توفرت. السيد اللواء المكي رغم حداثة عمله بهذه الإدارة إلا أنه خبرها جيداً، فكان معظم حديثه علمياً يطمئن إلى أن الإدارة يمكن أن تفعل شيئاً. يقول السيد اللواء إنهم يعملون من منطلق ركنين أساسيين في فكرة المكافحة الأولى، خفض العرض وهذه مهمتنا بالمراقبة والمكافحة والإبادة والقبض والتقديم للمحاكم وما بعدها من عقوبات. والثاني خفض الطلب.. وهذا أيضاً يقع تحت مسؤوليتهم بالتوعية والإرشاد والوعظ وتشترك معهم جهات عدة كالإعلام مثلاً الذي له دور كبير وفعال في هذا لخفض وبقية الأجهزة الأخرى، ولم يحدث أن وجدوا أي جهاز إعلامي إذا كان إذاعياً أو تلفزيونياً أو صحفاً أو ندوات مدارس محاضرات إلا تحدثوا عبرها حول خطورة هذه المخدرات لخفض طلبها بالتبصير والتوعية بخطورتها. وزاد قائلاً إنهم في هذه الإدارة يتعاملون مع كل معلومة ترد إليهم بكل جدية صادقة كانت أو كاذبة، فهم يرون أنها إذا كانت صادقة وجبت المكافحة وإذا كانت غير ذلك وجب التكذيب بها. ويقول المكي إن الذين يتاجرون بهذه الكارثة موجودون في وسط الناس في الأحياء يعيشون معهم وبينهم.. لذا نحن نؤمن مصادرنا.. ولا تستطيع أية جهة أن تكشف سريتهم، وحتى لا يترددوا علينا يمكن أن يوصلوا هذه المعلومات حتى لو بالهواتف.. ونحن نحترمها ونتعامل معها ونتخذ فيها الإجراء اللازم.