مواصلة لحديث سابق عن الإدمان ومخاطره، نقول إن العلاج الممنهج من اختصاص الطب النفسي، والمعمول به أن العلاج يتم بالمصحات النفسية التي تعتبر في غاية الأهمية لما تقوم به من دور مهم، وهذا يقود لسؤال جوهري: هل لدينا مصحات نفسية تعمل بكفاءة؟.. دعوني أتابع معكم من خلال تجربة لصيقة ابتداءً بحجز المرضى الذين يأتون لهذه المرافق وهم يبحثون مع ذويهم عن الخلاص والشفاء من الداء، بينما يراه الآخرون «مجنوناً»، وقد يكون المريض غير مدمن وإنما تعرض لهزة نفسية أو عصبية ناتجة عن سبب ما، فيعود بنا الحديث إلى ما طرحناه هل المصحات النفسية أي مصحات الأمراض النفسية تقوم بدورها كاملاً كما ينبغي؟ أم أن المصابين عقلياً ونفسياً يأخذون حقوقهم منها ب «الهرشة»؟ هذه مستشفيات حساسة وتحتاج لعينات بشرية بمواصفات، لأن المعاملة مع المريض نفسياً ليست كالتي مع المريض بالباطنية أو غيرها من الأمراض العضوية، لذا لا بد من الاهتمام بهذه المصحات وبالعاملين فيها، وكما قلت فإن الحاجة للطبيب النفساني سوف تأخذ في إطراد كبير بعد ما كتبنا عن دوره وأهميته في هذه الظروف التي يمر بها الإنسان، وأن مقابلة الطبيب النفساني ستصبح ضرورية جداً. ونعود ثانية، من هم الأطباء الذين هم داخل هذه المستشفيات؟ وما هي مقدراتهم العلمية وما هو دورهم الذي يقومون به لإنزال الثقافة النفسية لدى الذين يعانون من المشكلات النفسية؟ وبأي درجة من الكفاءة تؤديه؟، وهل كل المصابين يخرجون ويتخرّجون فيها أصحاء أم يعودون لها مرة ثانية؟ وهل هذه العودة إليها بسبب نوع المرض أم تقصير في العلاج؟ وكم عدد الأطباء النفسانيين المختصين منهم في هذه المصحات؟، وهل هناك ندرة في عدد الممرضين؟ وهل هناك تخصص للتمريض في هذا النوع من العلاج؟ وهل هناك عنابر متخصصة لمرضى الإدمان؟ وهل توجد مراكز متخصصة لعلاجه؟ علماً بأننا ظللنا نسمع بشخصيات تعمل في هذا المجال لا يتعدى عددهم أصابع اليدين أمثال الدكتور التيجاني الماحي وبعشر رحمهما الله، وفي الفترة الأخيرة نسمع بالفريق الدكتور نور الهدى واللواء الدكتور فتحية شبو، ود. معاذ شرفي وآخرين قد لا يكونون معروفين في الوسط كثيراً، المهم أن الأمر يحتاج لعمل طويل وعكس هذا النشاط المهم في مجال العلاج النفسي؟ وعبر «الوهج» نأمل أن يساهم معنا أهل الاختصاص بكتابات إرشادية حول فلسفة العلاج النفسي وما توصلت له البلاد من تقدم في هذا الجانب، خاصة أنهم من أصحاب الدراية والمعرفة والخبرة العملية والعلمية، عسى ولعل أن نصل لرؤية واضحة واستراتيجية لانطلاقة هذا العمل، ونعلن لأهمية الموضوع استعدادنا لأي مختص وملم بهذا الموضوع ليدلي بدلوه في معين «الوهج» لنعرف أين نحن من طب العلاج النفساني؟ وهل الطبيب السوداني للأمراض النفسية محل ثقة من المرضى النفسانيين كحالتنا. ونختم برسالة للجميع بأن المرض النفسي يمكن أن يصيب أي شخص كما يصاب الجميع باي مرض سريري.. وعلينا أن نغير نظرتنا السالبة إلى المرضى النفسانيين ولا نعدهم «مجانين».