«كنا بننور بيوتنا باللمبة أم صرمبيطة لمبة زيت تصنع يدوياً من علبة صفيح صغيرة وصوت الأسد كنا بنسمعوا عندنا هنا في أم درمان وهو محبوس في حديقة حيوان الخرطوم، ولمن كرومة يغني في بيت اللعبة بيت العرس يا ليل أبقى لي شاهد كنا بنسمعه جوه بيتنا ولو كان في طرف أم درمان، وكان حضرة المفتش الإنجليزي «برمبل» يتفقد أم درمان على حصانه، وناس جدك فلان كانوا بيمشوا يصيدوا القطا والحبار أنواع من الطيور والغزلان من بكان حسع بقت الثورات، وزولاً واحد كان يحلف إنه يدفع للكمساري حق كل ركاب الترماي واللا البص لأنهم كلهم جيرانه، والتلفزيون جابو لينا «عبود» وكانت الحلة بتحضرو عند ناس فلان الغنيانين، ولمن جانا الرئيس المصري «محمد نجيب» سنة «53» وقع ضرب وموت كتير، وناس نجيب ديل هم الشالوا «أبونا الملك فاروق» من عرش مصر. ثم وكأنها تهمس لنفسها أضافت: وأمي هي السمت أخوالك عباس سمته على «الخديوي عباس» مع إني كنت دايره أسميهو على «عبد الحليم حافظ»، وسعد على «سعد زغلول»، وبعد داك جاتنا «كتلة المولد»، وبعدها وقعت علينا «ضربة ود نوباوي» وفيها الرصاص كان يقع في روسين بيوتنا زي المطر، وفي ضربة المرتزقة حركة 1976م المسلحة ما كنا بنقدر نصل جيرانا والأكل كمل في البيوت لحدي ما بقينا نأكل الرغيف الناشف، و.. وبينما أنا ممسكة بطرف ثوبها الذي تتدلى من تحته «مفحضتها» محفظتها الجلدية وتمسك بيدها قفتها الكبيرة تلك قلت لها: يُمه.. حبوبتي «نبوية بت الريف» قالت ليك ما تنسي تجيبي ليها الحاجات القالتها ليك، يُمه.. هو إنتو بتقولوا ليها بت الريف ليه؟! فضحكت يُمه ثم أجابتني قائلة: لأنه لونها أبيض، ما هي أصلاً من حلفا. وعندما أصبحت المسالمة في مرمى نظرنا قالت لي يُمه: الليله عرس ود «حبوبتك زهية النقادية» عاد ما بنقدر نتلوم معاها هي ما بتقصر معانا، وكمان أفضالها على نسوان الحلة كتيرة، دي هي يا ما فكت حيرة ناس كتيرة، وحسع مشيتنا دي ما عشان اشتري حاجات ل«خالتك ربيعة» عشان «حبوبتك مرة جدك جامبو الجنوبي» تمشط ليها شعرها أصلو أمك وخالاتك ح يمشن معاي لعرس ود حبوبتك زهية».. تلك هي ونسة حبوبتي لي وأنا طفلة ونحن في طريقنا من حلتنا ود البنا ل «سوق أم درمان» سيراً على الأقدام .. و.. ويا إلهي.. ومن بين يدي أرواح حبوباتي الأم درمانيات الوارد ذكرهن في هذا العمود واللائي لم يرد ذكرهن فيه، أسألك يا إلهي أن تمتع حبوبة كل إنسان بالصحة والعافية والعمر المديد، وأن ترحم وتتغمد برحمتك كل حبوبة فاضت روحها إليك، آمين.