مراجعة على تعقيب الدكتور محمد عبد الله الريح لما دار بينه والشيخ محمد مصطفى عبد القادر في صحيفة الإنتباهة الموقرة ليوم الخميس 42/11.. ونعتذر أننا لسنا من أهل العلم حتى نخوض فيما دار بينهما ولكن الغَيرة على اعتقادنا في الله ورسوله الكريم يجعلنا نتمتم بقدر فهمنا على ما أشكل علينا. وأحب أولاً أن أطرح سؤالاً على الدكتور محمد عبد الله الريح فيما جاء في قوله تعالى (حُرِّمتْ عليكم الميْتةُ والدمُ ولحمُ الخنزيرِ وما أهل لغير الله به..): فما الفرق بين خروف ضأن ذُبِح على بسم الله وآخر لم يُذكر اسم الله عليه؟! فالخروف هو الخروف والدم هو الدم واللحم هو اللحم، فلماذا الأول حلال والأخير حرام؟ على الأقل من الناحية العلمية والصحية والرأي.. إذاً في الأمر حِكَمٌ لم يستطع الدكتور ولا نحن أن نبلغها لقوله تعالى (وما أوتِيتُم من العلمِ إلا قليلاً..) وكم من آية في السموات والأرض نمر عليها لم يفهمها السابقون وتحقق ذلك للذين يلونهم وأحيطوا بعلمها.. ولذلك فلا يؤخذ الدين بالرأي ولا بمنطق البشر، فعندما سأل أحدهم سيدنا علياً فيما أشكل عليه من حديث لم يستوعبه أو لم يقنعه كما لم يقتنع به الدكتور، رد سيدنا علي عليه قائلاً: ( لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه) وكان أمر رسولنا الكريم بالمسح على أعلى الخف وليس أسفله.. وقد كان تشكيك الدكتور محمد عبد الله الريح في الحديث الذي ينادي بقتل الضب أو «الوزغ» وحسب قوله إن صدقه الدكتور فيكون الرسول الكريم لا يعمل بقول الله عز وجل (ولا تزر وازرة وزر أخرى) بفهم إن كان هناك ضب قد ارتكب جرماً نحو سيدنا إبراهيم عليه السلام فيجب تطبيق العقوبة عليه وحده ولا ينسحب ذلك على أمّة الضبوب والأوزاغ!! هذا هو رأي الدكتور، ولكن نقول إن الضب الذي سأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن من ربك؟ من رسولك؟ ليس هو الوزغ الذي أمر بقتله وإنما هو الضب الصحراوي الذي يشبه الورل ويؤكل ويشوى وهو يختلف عن الذي يمشي على حيطاننا ويؤذي ويسمى بالوازغ السام والأبرص. وقال الدكتور أيضاً مسنداً تشكيكه في الحديث وداعماً أدلته على أنه كان المسلمون قد قاتلوا المشركين قديماً فلماذا يقاتلون أبناءهم الذين جاءوا من بعدهم؟!! واستدل بقول رسولنا الكريم لثقيف عندما سئل الدعاء عليهم: بعسى أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً. وأنا أقول إن الله سبحانه وتعالى قال (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة..) ويفهم من هذه الآية أن نقاتلهم سابقين ولاحقين ولا يدخل في ذلك من لم يشرك من أبنائهم ولم يقاتل.. ولذلك فمن مشركي مكة من كان أقرب إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم نفسه، والرسول صلى الله عليه وسلم لما كاتب في صلح الحديبية مع سهيل بن عمرو الدوسي احتج على ما وافق عليه المشركين أكبر الصحابة وكان سيدنا علي عندما أبى محو اسم محمد رسول الله طلب منه الإشارة إلى موضعها فمحاها بنفسه وقال لعلي: ستغضب عليها يوماً وفعلاً عند مكاتبته للخوارج رفضوا من علي أبي طالب أمير المؤمنين قائلين لو كنا نؤمن بأنك أمير المؤمين لما قاتلناك، فمحاها سيدنا علي حقناً لدماء المسلمين.. وقال سيدنا عمر في الحديبية: لن نقبل الدنية في ديننا، ولكن الرسول الكريم أصرّ على موقفه وكان نتيجته الصواب وذلك على أنه وحي يوحى.. فقول رسولنا الكريم وحي من الله تعالى وبالتالي لا تجب المراجعة فيه اللهم إلا أن يكون الخطأ في نسبته إليه وبالتالي مراجعة الدكتور لأحاديثه بمنطقه وموضوعيته التي ذكرها لم يوفّق فيها أبداً، والاعتراض على فهمها بخلاف ما جيء به يذهب بنا مذهب الذين خاضوا في حديث الذبابة برأي الشيخ الترابي.. فالمراجعة في صحة النسب لا في فهم المقصِّر حتى لا يذهب الأمر للتشكيك في القرآن نفسه. أما قول الدكتور إنه من حقه التشكيك في صحة الحديث المعني «حديث الضب» ومهما كان قدر الذين ساقوه وفي رأيهم أنه صحيح فيقول إن القضية هي اجتهاد وكما أنهم بشر مثله فاحتمال صوابهم وخطئهم وارد وأنه أيضاً مثلهم يمكنه أن يجتهد ويفتي ويفهم.. ونحن نقول للدكتور ليس هكذا الأمر، فالله تعالى يقول (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفرَ من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) التوبة الآية «321».