بالأمس ذكرنا أهمية طريق الإنقاذ الغربي بالنسبة للمواطن البسيط وكذلك للمزارعين ودول الجوار باعتباره طريقًا قاريًا سيفيد دول الجوار وفي مقدمتها تشاد، وهذه الدولة أدهشني أهلها وأنا أرى تداخلهم وانصهارهم مع أهل الجنينة، ووضح ذلك من المشاركة الرفيعة من قيادات حزب الجبهة الوطنية للإنقاذ ي تنشيطي غرب دارفور، وحينما رأيت أعضاء الوفد التشادي وهم يهللون ويكبرون في «الخيمة» الكبيرة التي نُصبت للمؤتمر أيقنت أن الدبلوماسية الشعبية ستطبق في غرب دارفور بقوة، خاصة وان المناطق الحدودية بين البلدين تعيش في تناغم وانسجام منقطع النظير وقلّما يوجد مثله في حدود السودان الأخرى وساهم في هذا طباع وعادات المواطنين في البلدين إلى جانب اللغة والإسلام الذي يربط بينهما بقوة. على العموم متوقع أن تشهد ولاية غرب دارفور تنمية كبرى خاصة بعد الانتهاء من الطريق الغربي الذي سيقدم الكثير لأهل تلك الولاية وفي مقدمة ذلك هو نقل محاصيلهم الزراعية المتنوعة للخرطوم وغيرها من الولايات ولكن أهم ما سيقدمه هذا الطريق هو الصناعات اليدوية التي عرفت بها الجنينة، خاصة «المراكيب» فهذا النوع من الصناعات يجب أن يكون ماركة مسجلة لهذه الولاية التي يتقن أهلها صناعته، وأكثر ما لاحظت في سوق الجنينة هو استحواذ العنصر النسائي على تجارة العطور، فجميع المحلات لهذه التجارة يديرها النساء وهذا يشير إلى الدور الكبير الذي تلعبه المرأة الدارفورية في الحياة بصورة عامة، ولكن تلك الأسواق تحتاج لبعض التنظيم حتى تسهم بصورة واضحة في الشكل الجمالي للمدينة، إلى جانب أن هناك بعض المحلات التجارية لاحظت تشييدها وسط «الخيران» مما يشكل خطورة كبيرة على أصحابها في فصل الخريف، وكل هذه الأشياء تحتاج لدراسة متأنية من قِبل وزارة التخطيط حتى تصبح الجنينة مدينة مثالية في قمة المدن السودانية. وربما لسوء حظي لم أرَ المدينة وهي تزدان لختام برنامج الجنينة عاصمة للثقافة والتي يشارك فيها عددٌ من الفنانين الشباب، وعاصمة الثقافة هذه قادتني للسؤال عن مسرح المدينة فلم أجده، وعمّا وجدته المدينة من اختيارها عاصمة للثقافة فوجدت القليل من الكثير الذي كان من المفترض تقديمه لهذه المدينة الصامدة. في الواقع في الطريق لمطار الجنينة خشيت من الرجوع بنفس طائرة الذهاب ولكن بحمد الله كانت رحلة الإياب عبر «مارسلاند» فتنفسنا الصعداء وسعدنا برحلة العودة ونظافة الطائرة وراحة مقاعدها وسرعتها.