رفض الاسكتلنديون الاستقلال عن بريطانيا في استفتاء حافظ على وحدة المملكة المتحدة، لكنه شكَّل مدخلاً لمنح بلدانها الأربعة المزيد من الصلاحيات، بحسب نتائج الاستفتاء التي صدرت صباح أمس الجمعة، وبالرغم من تسجيل الاستقلاليين تقدماً في المرحلة الاخيرة من الحملة فاز رافضو الاستقلال ب«55,3%» من الاصوات بفارق كبير عن مؤيدي الاستقلال الذين حصلوا على «44,70%» من الاصوات، بحسب الارقام الرسمية الصادرة صباح امس بعد انتهاء عمليات الفرز في جميع الدوائر ال«32» في اسكتلندا، وحصل الوحدويون على مليونين وألف و«926» صوتاً مقابل مليون و«617» ألفاً و«989» صوتاً للاستقلاليين في الاستفتاء. وبعد حملة أثارت تعبئة كبيرة في صفوف الاستقلاليين في مناطق كثيرة من العالم، قال المسؤولون إن الاستفتاء سجل نسبة مشاركة قياسية وصلت الى «84,6%»، وهي الاعلى في انتخابات في بريطانيا حتى الان. وتشكل هذه النتيجة خيبة امل كبرى لرئيس وزراء المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي اليكس سالموند، بعدما اشارت استطلاعات الرأي في اواخر الحملة التي تقدم كبير لمعسكره، فيما تعتبر انتصاراً شخصياً لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي كان يخشى تفكك بريطانيا. وصرح سالموند مقراً بهزيمته امام انصاره المحبطين، قررت اسكتلندا بغالبيتها ألا تصبح دولة مستقلة مضيفاً انني اقبل بحكم صناديق الاقتراع، وادعو جميع الاسكتلنديين الى القيام بذلك والقبول بقرار الشعب. غير ان بوسع الزعيم الاستقلالي التباهي بالحصول في نهاية المطاف على حكم ذاتي أوسع للبلد الذي يديره منذ سبع سنوات. وتعليقاً على نتائج الاستفتاء الذي التزم فيه شخصياً الى جانب الوحدويين، دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المملكة المتحدة الى وحدة الصف متعهداً بمنح بلدانها الاربعة صلاحيات اوسع في ادارة شؤونها. وقال كاميرون في كلمة القاها امام مقر الحكومة البريطانية في لندن، حان الوقت لمملكتنا المتحدة لكي توحد صفوفها وتمضي قدماً معتبراً انه تمت تسوية مسألة استقلال اسكتلندا لجيل. وقال كاميرون ان الشعب الاسكتلندي قال كلمته وقراره واضح قرر الحفاظ على وحدة اراضي بلداننا الاربعة «اسكتلندا، وويلز، وايرلندا الشمالية، وانكلترا» ومثل الملايين الاخرين، انا سعيد بذلك. وتابع مثلما سيحصل الاسكتلنديون على المزيد من السلطات في ادارة شؤونهم، كذلك يجب ان تكون لسكان انجلترا وويلز وايرلندا الشمالية، صلاحيات اكبر في ادارة شؤونهم. وسبق ان وعد كاميرون بزيادة الحكم الذاتي لاسكتلندا، غير انها اول مرة يقطع تعهدات مماثلة للبلدان الثلاثة الاخرى. وبحسب أحد الإعلاميين الانجليز فإن السياسي المحنك، زعيم الحزب القومي الاسكتلندي، اليكس سالموند، نجح في إدارة هذه اللعبة السياسية بشكل مثير للإعجاب، فالرجل يدرك أكثر من غيره أن اسكتلندا خارج المملكة المتحدة ستكون ضعيفة وبلا وزن على المستوى العالمي، وفي حقيقة الأمر هو لم يكن يسعى إلى الاستقلال التام، لكنه رفع سقف المطالب الاسكتلندية إلى أقصاه حتى يتمكن من نزع ما أمكن من سلطات محلية لإقليم اسكتلندا، تجعله يتمتع بحكم ذاتي من دون أن ينفصل عن المملكة المتحدة. هذا كما توجه الاسكتلنديون مباشرة، بعدما دعاه زعيم الاستقلاليين اليكس سالموند للاقرار بهزيمته للوفاء بالتزاماته بمنح المزيد من السلطات لاسكتلندا، فقال الى الذين يشككون في اسكتلندا بالوعود الدستورية المقطوعة، دعوني اقول لكم ما يلي: سبق ان نقلنا صلاحيات في ظل هذه الحكومة، وسنقوم بذلك من جديد في الحكومة المقبلة.واضاف ان الاحزاب الوحدوية الثلاثة قطعت تعهدات بمنح البرلمان الاسكتلندي صلاحيات اضافية، وسنتثبت من الوفاء بها. ويترقب الاعلام رد فعل من المملكة من قصرها في بالمورال في اقصى شمال شرق اسكتلندا، بعدما لزمت الصمت طوال الحملة فيما افادت اوساطها انها كانت قلقة. وفتحت بورصة لندن على ارتفاع بنسبة «0,75%» مع وصول الجنيه الاسترليني الى اعلى مستوياته منذ سنتين مقابل الدولار واليورو كاول رد فعل على اختيار الاسكتلنديين للوحدة.