«الملك النعمان» كما يحلو للجميع ان يخاطبوه بهذا اللقب الجميل، ذهبت لزيارته في أحد أيام الأعياد. واستقبلني بأسلوبه الجميل المميز وبطيبته الواضحة الحلوة. وجلست معه استمعت اليه واستمتعت كثيراً بطريقة سرده الشيقة عن ذكرياته الممتعة، وعن رحلة عمره مع نادي المريخ العظيم، وتلك المواقف البريئة الضاحكة مع نظيره الهلال الرائع. قال لي كنا نستمتع بما نسطره من عبارات ساخرة التي كانت تثير مشجعي الهلالاب.. عبارات مليئة بالسخرية الضاحكة الجميلة، وقد كان الهلالاب لا يقصرون ايضاً، بل كانوا يزيدون لنا الكيل بالوزن الثقيل، ولكن الجميل والمفرح عندما يكون اللعب مع فريق زائر.. عندها يتحد الهلالاب والمريخاب لنصرة صقر الجديان، وقال لي الملك النعمان ان من المواقف الجميلة التي لن ينساها ابداً، عندما وجهت الدعوة لفريق المريخ للعب ضد فريق السكة الحديد المصري، فطلب مني وبصفتي رئيس رابطة مشجعي فريق المريخ ان اوجه دعوة لاحد الاخوة الهلالاب للسفر معنا. واخترت عبد الكريم الزبير رئيس رابطة مشجعي فريق الهلال، ذلكم الرجل الانيق الظريف، فهو رجل حلو المعشر خفيف الظل صاحب الكسكته المشهورة وصاحب الدعابات الحلوة، وشاءت المقادير ان يسجل فريق السكة حديد هدفاً في المريخ، فما كان من عبد الكريم الزبير الا ان ادخل يديه الاثنتين اسفل المقعد الذي أمامه واخذ يصفق بصورة اثارت ضحك الجميع الذين قبلوا هذه الدعابة الساخرة بروح رياضية عالية، عبد الكريم الزبير رحمة الله الامدرماني الغيور على فريق الهلال، كانت تربطني به صداقة مبنية على الاحترام المتبادل. وشاءت المقادير ان اهداني احس السائقين الذي كان يعمل معي منذ الستينيات قرداً صغيراً جداً احضره من غابة ام بارونة، وقال لي اتذكرتك يا مهنا وجبت ليك القرد ده هدية.. لم أشأ ان أكسر خاطره فشكرته على هذه العطية، وقلت له إنها مشاعر طيبة ان تتذكرني بهذا القرد.. وأدعو الله ان يجعله في ميزان حسناتك. والحقيقة دخلني خوف وتردد، فكيف احتفظ بهذا المخلوق في البيت وزوجتي حامل في شهورها الاولى وهي شهور الوحم الخطيرة، وخشيت ان تنقل لي منو وتبقى دى مصيبة كبيرة، وبعدين الجاي دا اقع بيهو وين، وجلست افكر وكنت في حيرة من أمري، وعندها اتي الفرج بظهور عبد الكريم الزبير الذي بادرني قائلاً «مافي هدية دعاية يا مهنا» فقلت له تعال بسرعة في هدية ليك قرد.. واعتقد المسكين انها دعابة على شكل قرد، فنزل من عربته فرحاً ليأخذ الهدية ولكنه عندما فوجئ بان القرد حي خاف وارتعب، ولكن منظر القرد الصغير كان مغرياً للغاية فأخذه بحرص شديد، وعندما توجه لعربته نزل منها من كانوا معه بعصيبة وفزع شديد، فلم يكترث لهم بالمرة ولم يعرهم اي اهتمام. فقد كان همه الأول والأخير كيف يوصل هذه الهدية المعتبرة الى المنزل. ولم يمض وقت طويل ربما أقل من ساعتين حتى رجع عبد الكريم من غير كسكتة وفي حالة اضطراب شديد، وقد علمت انه كان في قسم حوادث امدرمان. وعند رجوعه كان حريصاً على المرور بجانب دكاني، فقال لي بصوت عالٍ: شكراً شكراً ربنا يقدرنا على جزاك.