ما أن تذكر إسرائيل في أي مجتمع سوداني إلا ووجدت الاستياء والاستهجان باعتبارها دولة مغتصبة لدولة عربية شقيقة، وظل السودان واحداً من الدول المتمسكة بعدم التطبيع مع اسرائيل رغم تطبيع دولة اليهود مع الكثير من الدول العربية والتى تربطها مصالح معهم رغم ان هذه الدولة اسرائيل- تقتل وتشرد يومياً الكثيرين من اشقائنا العرب- واصبح السودان من اكثر الدول تشدداً حول عدم التطبيع مع اسرائيل، وكان أكثر دولة متمسكة بالمقاطعة العربية لدولة الكيان الصهيوني لما ترتكبه من مجازر في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية. شهدت الاوساط الرياضية وكذلك السياسية خلال الفترة الماضية، جدلاً كثيفاً حول مشاركة لاعب سوداني لمنافس اسرائيلي في بطولة العالم للشطرنج التى نظمت في جنوب افريقيا، وصحبت تلك المباراة العديد من التداعيات كان ابرزها تقديم رئيس اتحاد الشطرنج لاستقالته عقب رفض اللاعب للانسحاب من تلك المباراة التى هزم فيها السودان ميدانياً وهزمت المقاطعة العربية لاسرائيل بكسرها بتلك المباراة، بيد ان عدداً من القيادات السياسية يرى ان المقاطعة مستمرة وان السودان لن يكون من الدول التى تطبع علاقتها مع اسرائيل، ووصفت تلك القيادات مشاركة اللاعب بانه قرار فردي لا علاقة للدولة به، فيما يرى امين امانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني بولاية القضارف بشرى محمد توم ان هذا التصرف يحسب على اللاعب وليس على السودان، مؤكداً انهم لن يشاركوا في اي محفل توجد اسرائيل فيه للعديد من الاسباب، اولها تأكيد على مقاطعة السودان لهذه الدولة، وثانياً السودان يعمل بمرجعية الاسلام التى تتنافي مع المرجعية اليهودية وقال بشرى ل«الإنتباهة» عبر الهاتف، ان مشاركة هذا اللاعب تشير الى وجود خلل في اتحاد الشطرنج الذي ينبغي ان يكون مسيطراً على اعضائه وتحديد مشاركاتهم الخارجية، وناشد وزارة الشباب والرياضية بفتح تحقيق حول مشاركة هذا اللاعب وتقديم المسؤولين عن المشاركة للمحاسبة الرادعة حتى لا يتكرر مثل هذا المسلك المشين الذي يرفضه المؤتمر الوطني وكل الشعب السوداني، موضحاً ان بطول مثل كأس العالم مفترض أن يكون برنامجها واضحاً ومعلوماً للاتحاد السوداني، ومن سيواجهون فيها، منتقداً السماح للاعب سوداني المشاركة ضد اخر اسرائيلي، والسودان من اول الدول العربية التى اعلنت مقاطعتها لاسرائيل. واتفق اتحاد الشطرنج بولاية البحر الاحمر مع بشرى في مجمل حديثه وقال عمر ادم علي ان ولايتهم كانت الاكثر تضرراً من اسرائيل مثلها وبقية الولايات السودانية، التى لا تقبل كسر المقاطعة عبر لعبة الشطرنج، وقال عمر ان هذا الامر يجب ان يجد المحاسبة الدقيقة ليس للاعب فقط وانما لقادة الاتحاد الذين سمحوا بهذه المشاركة، فيما نفى رئيس لجنة التدريب المركزية عبدالقادر عثمان علمه بسفر هذا اللاعب ومشاركته في بطولة العالم، وقال ان بعض قيادات الاتحاد هي التي سعت لسفره ربما لاغراض يعلمونها هم، واكد رفضهم التام لهذه المشاركة مشيراً الى خطوة تقديم رئيس الاتحاد لاستقالته باعتبار ان السودان يرفض التعامل مع اسرائيل باي شكل من الاشكال، الا ان رئيس اتحاد الشطرنج بولاية شمال كردفان اسماعيل الرضي لم يكتف بالشجب والادانة لمشاركة لاعب الشطرنج ضد لاعب اسرائيلي، موضحاً ان هذا اللاعب يحمل جنسية مجرية وشارك بجنسيته السودانية وكان يجب على الاتحاد اختيار من يمثلون السودان رياضياً واخلاقياً، وقال الرضي هذه الحادثة سبقتها حادثة اخرى وهي منح صوت احد قادة الاتحاد لرئيس الاتحاد الدولي للشطرنج كاسباروف والذي معلومة خلفيته وجنسيته، مشيداً بموقف رئيس اتحاد الشطرنج الذي قدم استقالته عقب تلك المشاركة داعياً جميع اعضاء المكتب التنفيذي لتقديم استقالاتهم لتسجيل موقف يؤكد تمسك السودان بالمقاطعة لاسرائيل المغتصبة للاراضي العربية، واشار اسماعيل الى ضرورة فتح تحقيق شامل حول هذه المشاركة وغيرها من المشاركات الخارجية للشطرنج، حفاظاً على سمعة السودان الدولية. حسناً.. شارك لاعب سوداني ضد آخر اسرائيلي، الا ان السودان اكد تمسكه بقرار المقاطعة العربية لاسرائيل، ولن ينتهي الامر هنا فقط فيجب معرفة تفاصيل هذه المشاركة وكيفية اختيار من يمثلون السودان خارجياً، حتى يشرفوه اخلاقياً على أسوأ الفروض ان لم يكن رياضياً.