ذلك الذي ركبه الله حافلة جافلة لا يستقر لها لستك أو كفر إلا بعد أن تتخطى خلق الله من سائقي السيارات والأمجادات والهايصات والركشات والسابلة. هو دائماً في حالة سباق مع الآخرين. لا تنفع معه نصيحة ولا توعية ولا إرشادات ولا حتى إيصالات غرامات بألوف الجنيهات. إنه شخص مذعور. يعاني من وسواس قهري يرى نفسه دائماً هو الذي يتآمر عليه أصحاب السيارات بكافة أشكالها وألوانها لتخرجه من ملة السائقين. ولذلك لا يجد طابور المرور يتلوّى كالثعبان ويسير بسرعة السلحفاة حتى تنطلق في جسمه كل غرائز العدوان والتفوق على الجميع فيتخطى الكل بحمولته من الآدميين الذين ألقى بهم حظهم العاثر في حافلته وينزل تارة بالأرض مثيراً غباراً يغطي على الجميع ويعود مرة أخرى منحشراً في مكان ركشة لا تودي لا تجيب وعينه على أول فجوة تلوح في الصف فيندفع إليها غارزاً صدام حافلته في مكان يخيف منه الآخرين. وعندما يتحرك الصف قيد أنملة ينتهز هذه القيد أنملة ليختطفها ويقتلعها من كل من تسول له نفسه أن يفكر فيها مجرد فكرة. ويستمر في هذه المزاحمة حتى يستقر به المقام في الناحية الشمالية من الشارع. والأمر كذلك يلمح نساءً يقفن على الجانب الأيمن من الشارع وبلفتة يمسح فيها موقف الكراسي الفاضية في حافلته ويا للهول!!! فقد اكتشف أن هناك مقاعد خالية من الركاب وتلك جريمة لا تغتفر يجب أن يحاسب عليها الكمساري الذي انشغل عنها بلف الأوراق المالية على أصابع يديه وهو يتفقدها بين الفينة والأخرى في إعجاب يُحسد عليه. ودون إشارة من أي نوع يفصح عن نيته في الانحراف يميناً فجأة يواجه الذين من خلفه بحافلة جافلة تسد عليهم الطريق وهي في انحرافها نحو اليمين يدخل سائقها في جدال اعتاد عليه مع أحدهم: - ماشي وين؟ ما شايف الحركة كيف؟ ويجيب سائق الحافلة: - ماشي ألقط رزقي؟ عندك مانع؟ الواحد فيكم راكب ليهو في عربية مكندشة ومظللة ومرطب جواها ما عامل حسابو للمساكين الزينا... - تلقط رزقك بذوق مش تعرض الناس التانيين للخطر.. هسع إنت ما قربت تصدمني؟ - يا أخي إنت شفقان ليه.. ما تنتظرني لحدي ما أصدمك. - وليه أنا أنتظرك لحدي ما تصدمني؟ - لو الله أراد لي أصدمك والله أصدمك حتى لو كنت راقد في بيتكم. وتتعالى أصوات الآخرين وتنطلق أجهزة البوري لتملأ المكان صخباً يرفع ضغط الدم لمن يعانون منه كما إنه يجعل المصابين بالسكري يشعرون بالسكر يغلي في عروقهم فيصبحون مثل عرائس المولد وأخونا المتخطي يحلف إنه لن يتنازل عن تخطيه للجميع قائلاً: - وهم مستعجلين لاحقين شنو؟ اصلو الدنيا طارت. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. وإياك والموبايل والسواقة.