جاء اتفاق زعيمي المعارضة الصادق المهدي رئيس حزب الامة وفاروق ابو عيسى رئيس تحالف قوى الاجماع الوطنى امس الاول، بخطوة حملت طابعاً من الدهشة والاستغراب داخل الاوساط السياسية عامة، حيث اتفق الزعيمان أخيراً على إكمال بناء مشروع وطنى لادارة البلاد عبر حكومة انتقالية تستند شرعياً إلى برنامج انتقالى، ويعقد فى خاتمة الفترة الانتقالية مؤتمر دستورى للاتفاق على كل قضايا البلاد. وتم الاتفاق كذلك على ضرورة الاسراع فى توحيد قوى المعارضة من أجل تصفية نظام الحزب الواحد واقامة سلام عادل وشامل وتحول ديمقراطى كامل. الجدير بالذكر ان المهدى اتصل برئيس تحالف قوى الاجماع الوطنى فاروق ابو عيسى من باريس فى مقر اقامة الاخير بلندن ابان توقيع اعلان باريس، وابلغه حينها بالاتفاق «اعلان باريس» وابدى ابو عيسى حينها سخطاً واضحاً، ووصف الاتفاق بالصفقة التى تهدف الى خلق مركز جديد للمعارضة، وانه احد اسوأ افرازات عمل الجبهة الثورية، ووصفه بالاتجاه لخلق مركز جديد للمعارضة ودعم نهجها. من البغضاء الى التغيير ويعلم المتابع للساحة السياسية ان اضغاناً كبيرة ظل يتبادلها توالياً الاثنان على مدى وجودهما فى المجال السياسي، اذ ظل ابو عيسى لما يربو عن الخمسين عاماً مضت فى اتجاه معادٍ للمهدى وحزب الامة، ويصفه بانه موالٍ للنظام الحاكم ومتاجراً باسم الحزب والاحزاب، بل وذهب الى ابعد من ذلك اذ وصف المهدى بانه يتلقى دعماً وهبات مادية من النظام، وانه يسعى لإضعاف المعارضة عبر تفكيكها وكسر شوكتها. وحزب الأمة بالمقابل كان له موقف معارض لابو عيسى فى رئاسته لهيئة التحالف فى وقت سابق، وطالب المهدى مراراً وتكراراً فى فبراير من العام الماضى بابعاده عن رئاسة التحالف على ان يدار عبر رئاسة دورية محايدة، اضافة الى مطالبته بتغيير مسمى التحالف الى جبهة قوى النظام الجديد. ومن اكثر التصريحات التى حملت اتهامات سلبية ومباشرة حديث المهدى الموجه الى ابو عيسى «إن براعة من اصبحت لديهم رشاقة العصافير فى التنقل بين المواقف لن تمحو من ذاكرة الشعب السودانى ماضيهم فى تدبير الانقلابات ودعم الشموليات وقهر الشعب السودانى وانخراطهم فى انظمة نكلت بالأنصار». وتوالت بعد ذلك حرب التصريحات والتسريبات عن مثل هذه الخلافات التى طفحت الى السطح ما بين الاثنين. اتفاق الطائرة القيادى بالمؤتمر الوطنى الدكتور ربيع عبد العاطى سخر من الاتفاق المبرم بين رئيس حزب الامة الصادق المهدى ورئيس قوى الاجماع الوطنى فاروق ابو عيسى، مشيراً الى ان الاتفاق لا يرتكز على اى سند، وانه لا يعدو ان يكون اكثر من مجرد اتفاق بين شخصين ليس بامكانهما تغير، ودل على ذلك بأن القرآن ربط التغير بالقوم او الجموع، وابو عيسي والمهدى مجرد شخصين مجردين، فالمهدى الآن فقد حزبه الذى تشتت ووهن، وابو عيسي الآن ليس له اى نشاط او قوى تسانده . كما شبه د. ربيع الاتفاق بين الطرفين بانه اقرب الى لقاء السفر، حيث يجد المسافرون أنفسهم فى اوقات فراغ وعدم موضوعية غالباً ما تستغل فى التفاكر والتشاور، الا ان هذه المساحات غالبا ما تنتهى بالوصول وهبوط الطائرة، كذلك اتفاق المهدى وابو عيسي لا يعدو ان يكون اكثر من اتفاق الطائرات، والاصل فى الاتفاقيات الجادة أنها تأتي عبر الحوار الداخلى الذى تشارك فيه غالبية القوى السياسية الآن، وهو يمضى الآن نحو تحقيق اهداف ومساعٍ مشتركة ومتفق عليها بتراضٍ بين عدد من اطراف الحوار الآن. ردود أفعال ولم يستبعد المحلل السياسي الاستاذ ابراهيم ميرغنى ان يكون المهدى حالياً يعيش فى حالة من التخبط السياسي الاسفيرى، اذ باتت ردود الافعال تختلف حوله كثيراً، ولم يستبعد محدثى ان يكون البيان السياسي بين الأمة وتحالف الاجماع الوطنى اتى كرد فعل لرفض البشير لقاء المهدى بالقاهرة، وان القصد من ورائه يرجع الى اثارة زوبعة وضجة اعلامية وشغل الرأى العام، فيما استبعد المحلل السياسي ان يكون للاتفاق اى دور فى تغيير الخريطة السياسية جملةً وتفصيلاً فى الأيام القادمة.