ظلت لفترات طويلة تشهد معدلات التضخم في السودان ارتفاعاً كبيراً بسبب الزيادة الكبيرة التي تشهدها أسعار السلع ويرجع ذلك للتوسع المستمر في الإنفاق الحكومي، وغياب السياسات النقدية ذات الفعالية والجدوى، وضعف السياسة المالية، وتوسع نفوذ السوق الموازي للعملات الأجنبية مما أدى لاضعاف القوة الشرائية للعملة الوطنية، وضعف تنافسية الصادرات السودانية وإرباك مؤسسات التمويل وإحجامها عن تقديم تمويل للقطاعات الإنتاجية، وبالتالي ارتفاع معدلات الفقر بالبلاد، وفي المقابل سجلت معدلات التضخم خلال الاشهر الاخيرة انخفاضاً ملحوظاً بحسب اعلان الجهاز المركزي للاحصاء والذي بلغ معدلاته خلال شهري اغسطس وسبتمبر من العام الحالي 33,4% لافتا إلى زيادة نسبة الفقر بصورة كبيرة مما يشير إلى وجود خلل خاصة أن معدلات الفقر تنخفض بانخفاض معدلات التضخم، وارجع الجهاز الاسباب لغياب المعلومة والتنسيق مع الجهات والمؤسسات الحكومية. وقد اثار اعلان الجهاز المركزي ردود أفعال بين أوساط الاقتصاديين بين مؤيد ومعارض لتلك التصريحات فيما شكك البعض في ارقام المعدلات الاخيرة مشيرين أن تلك المعدلات لا تتناسب مع أسعار السلع الاستهلاكية بالاسواق والتي مازالت توالي الارتفاع، ويقابله انخفاض في القوة الشرائية، فيما يُعكس ذلك بالانخفاض الذي يؤدي إلى انخفاض نسبي لأسعار السلع وانتعاش القوة الشرائية بالمقابل. ومن جانبه شكك الخبير الاقتصادي حسين القوني خلال حديثه ل (الإنتباهة) بصحة معدلات التضخم الاخيرة وانها غير واقعية لافتا لارتفاع نسبة أسعار السلع بصورة كبيرة وقال إن تلك النسب قد تكون تمت بعد إجراء تعديلات في حساب التضخم من وقت لاخر أو وجود خطأ في الحساب نفسه واستبعد القوني مساهمة انخفاض الدولار في انخفاض التضخم مشيرا إلى انها فترة وجيزة لا تساهم في عكس اثره والتحكم بالاقتصاد السوداني والذي يحتاج لفترة طويلة لمعالجته والتي تقدر بحوالى ثلاثة شهور على الأقل، وتساءل ماهي البنود التي استند إليها المسؤولون لحساب المعدلات الاخيرة مشيرا لضرورة ذكر الاسباب التي ادت لانخفاض التضخم ومدى صحة تلك المعلومة، ووافقه الرأي الخبير الاقتصادي أحمد مالك والذي شكك في مدى صحة الارقام مضيفاً أن الجهاز المركزي لايعمل بالطرق العلمية بل يعمل بطرق سياسية وذلك بالاتجاه لاسقاط نسبة الأسعار المرتفعة وحساب الأسعار التي تشهد انخفاضاً مبيناً أن المعيار الحقيقي لحساب التضخم هو السنوي والذي لايقل عن 150% وليس الشهري والذي لايعطي المعدلات الحقيقية خاصة أن بعض الشهور تشهد ارتفاعاً في الانتاج واخرى كساد كما هو حاصل الآن مما خلق طرق جديدة للبيع لافتاً لمدى خطورة الموقف لما يشهده السوق من ضعف للقوة الشرائية وبالتالي انخفاض دخل الاسرة وابان مالك ل (الإنتباهة) أن الاموال الموجودة المستخدمة لشراء السلع بالاسواق كانت تقدر بحوالى 400 مليار وبانخفاض الجنيه بلغت ال 200 مليار وتوقع أن يساهم انخفاض الدولار في انخفاض أسعار بعض السلع إلا انه رجع وقال على الرغم من ذلك فمن المتوقع أن يشهد التضخم ارتفاعاً كبيراً خلال الأيام القادمة خاصة أن انخفاض الدولار غير حقيقي وذلك لضعف تأثيره على الاقتصاد السوداني مشيرًا إلى وجود خلل بميزان المدفوعات والميزان التجاري بجانب ضعف الإنتاج.