سجلت معدلات التضخم تراجعاً بعد أن شهدت ارتفاعاً كبيراً في شهر يوليو الماضي من العام 2014م إلى 46.8% مقارنة ب 45.3% للشهر قبل الماضي وذلك على حسب قراءات الجهاز المركزي للإحصاء، وقد وجدت حسابات معدلات التضخم انتقاداً عنيفاً من قبل خبراء الاقتصاد في اعتماد الجهاز في حساب معدلات التضخم على مجموعة معينة من السلع الاستهلاكية التي لا تشمل أهمية أساسية للمواطن، متجاهلاً سلعاً أساسية كالدواء والسكر والدقيق والتي تعتبر سلعاً تعتمد على الدولار في استيرادها، مشيرين إلى أن انخفاض معدلات التضخم التي اعتمد عليها الجهاز غير واقعية بدليل استمرار شكاوى المواطنين من تزايد أسعار السلع الاستهلاكية يومياً بالعاصمة، موضحين أن انخفاض التضخم لا علاقة له بتراجع التضخم. وقال الخبير الاقتصادي محمد الجاك إن الانخفاض الذي أشير إليه مؤخراً لا يعني شيئاً ولا تجد له إحساساً وسط المواطنين الذين يذهبون إلى الأسواق، فإنه يشعره بتزايد مستمر في أسعار السلع، مضيفاً أن عمليات السمسرة والمضاربات التي تحدث في أسواق الخرطوم تجعل جمع المعلومات للإحصاء غير حقيقي نسبة للتغير السريع والمتزايد بمعدلات يومية في أسعار السلع، منتقداً طريقة عمل الجهاز في اعتماده على حساب معدلات التخضم بمجموعة معينة من السلع والتي يعتبرها سلعاً أساسية بينما يتجاهل سلعاً أخرى ذات أهمية لها أثر مباشر من حيث ارتفاع وانخفاض معدل التخضم، مضيفاً السلع التي يتم اختيارها يمكن أن تعكس انخفاضاً بينما لو تغيرت فإنها ستعطي اتجاهاً متصاعداً للتضخم، مؤكداً أن انخفاض معدل التخضم الذي أشار إليه الجهاز يعتبر غير واقعي إذا أخذنا في الاعتبار شكاوى المواطنين المستمرة في تصاعد الأسعار، مبيناً أن ارتفاع الأسعار يعكس صورة مختلفة عن واقع التضخم كما تعكسه الطريقة الإحصائية التي تعتمد على معلومة تقديرية بالنسبة لسلة السلع الضرورية، مؤكداًأن انخفاض الدولار لا يؤثر على الأسعار بصورة آنية، موضحاً أن انخفاض الدولار في الوقت الحالي لا صلة له بدعوى انخفاض معدل التضخم، مضيفاً أن الانخفاض الواضح في الطلب على بعض السلع انعكس على تراجع التضخم، مشيراً إلى أن سعر الدولار تحكمه قوانين العرض والطلب وأن الأيام الماضية شهدت انخفاضاً في الطلب على الدولار، بجانب أن عودة بعض المغتربين زادت مما هو معروض، مؤكداً أن الانخفاض المشار إليه طاريء ومؤقت وأن التراجع الدائم يعتمد على تنمية ودعم القطاعات الإنتاجية من صناعة وزراعة، بجانب تخفيض الإنفاق الحكومي وتوجيهه نحو نشاط إنتاجي مع تدخل الدولة بصورة كبيرة في النشاط الاقتصادي داخل الأسواق لمراقبة الأسعار، متوقعاً عدم استمرارية انخفاض التضخم والدولار وذلك لأن الأسباب التي أدت إليه طارئة وأن حزمة السلع هي التي تحدد الاتجاه التصاعدي والتنازلي وأن السلع التي اعتمد عليها لا تمثل سلعة ضرورية. ورهن الخبير الاقتصادي عبدالعظيم المهل التراجع في التضخم بامتلاك الدولة لاحتياطي كاف من النقد الأجنبي، مضيفاً أن مؤشر الانخفاض أسبابه غير معلومة وهذا الانخفاض مؤقت سرعان ما يعاود الارتفاع مرة أخرى بزيادة الطلب على الدولار وفي هذه الحالة لا يؤثر كثيراً في أسعار السلع والخدمات، مضيفاً على الرغم من انخفاض الدولار إلا أننا نلاحظ أن أغلب أسعار السلع في ارتفاع وذلك للاحتكارات الكبرى من قبل الدولة والشركات والأفراد، وفي هذه الحالة تكون تلك المؤسسات هي المستفيد من فائض الربح على حساب المواطن المغلوب على أمره، عازياً تراجع نسبة التخضم إلى نجاح الموسم الزراعي والتحسن في العلاقات الدولية في الإقليم وزيادة الإنتاج والانخفاض في أسعار اللحوم بسبب قلة الصادر لموسم الهدي بالإضافة للإشاعات عن لحوم الحمير والكلاب وإحجام المواطنين عن شرائها، وكان في العام 2000م معدل التخضم قد وصل (1.8) بسبب أنفلونزا الطيور والحمى النزفية، مؤكداً أن انخفاض التضخم يعتمد على الاحتياطي من العملات الحرة من البنك المركزي، مبيناً أنه لا يعني انخفاض الأسعار بقدر ما يعني انخفاض نسبة زيادة الأسعار، متوقعاً انخفاضاً في معدلات التضخم في أكتوبر خاصة إذا تواصل هذا الانخفاض وإذا لم يكن مؤقتاً. وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي عادل عبدالعزيز إن أسباب انخفاض التضخم تعود لتراجع أسعار عدد من السلع والخدمات في المجموعات السلعية التي تبنى عليها حسابات التضخم، وتعود أسباب انخفاض أسعار هذه السلع والخدمات أولاً لظهور بوادر المنتجات الشتوية في الخضراوات واللحوم الحمراء والبيضاء بجانب الانخفاض النسبي في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، وتوقع عادل توالي انخفاض التضخم خلال الأشهر القادمة نظراً لبوادر نجاح الموسم الزراعي الصيفي والتحضيرات الجادة للموسم الزراعي الشتوي ولتمكن بنك السودان من تكوين احتياطات من عوائد الصادر ورسوم خط الأنابيب سوف تمكنه من التحكم في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، بجانب انخفاض المجموعة السلعية الخاصة بالخضر والمنتجات الحيوانية، حيث انخفضت أسعار الطماطم والخيار والبطاطس، كما انخفضت أسعار لحوم الضأن والعجالي عن مثيلاتها في شهر أغسطس.