مستشفى الجنينة الذي شيد قبل أكثر من ستين عاماً يشهد هذه الايام وضعاً صحياً مأساوياً ربما يكون الاول من نوعه منذ تأسيسه، نسبة للخلافات المتطورة يوماً بعد يوم بين الاطباء من جهة وادارة المستشفى ووزارة الصحة من جهة اخرى، وقد انعكست هذه الخلافات وان شئت الدقة فسمها صراعات، على الوضع الصحي في الولاية اجمع حيث لا يوجد في ولاية غرب دارفور سوى هذا الصرح الذي لم يشهد أي صيانة اوتطور حتى يواكب نظرائه في الولايات الاخرى، وقد بدأت هذه الخلافات تظهر للسطح عندما التمس الاطباء العاملون فيه قصوراً في بعض النواحي الادارية والمالية، ولتهيئة بيئة العمل قام الاطباء برفع مذكرة مطلبية لوزارة الصحة تحصلت «الإنتباهة» على نسخة منها، يطالبون فيها بتوفير بيئة صالحة للاطباء واللالتزام باستحقاقاتهم المالية مشيرين في الوقت ذاته الى تردي الخدمات الصحية والتي تتمثل في عدم توفر أدوية الطوارئ، بالاضافة الى انعدام الاوكسجين وادوات الاسعافات الاولية وطالبوا بتوفير الحماية الكافية للاطباء والكوادر الصحية، وذلك على خلفية الاعتداءات المتكررة على الاطباء من المرضى وذويهم، وعندما عجزت الوزارة أوبالاحرى تماطلت في الرد او تلبية طلبات المذكرة، قرر الاطباء الدخول في سلسلة من الاضرابات للضغط على الجهات المختصة لتلبية طلباتهم وتوصلوا اخيراً لاتفاق مع الوزارة يتم بموجبه فك الاضراب على ان تنفذ الوزارة جميع ما في المذكرة خلال اسبوع من تاريخ 24 9، في وقت هدد فيه الاطباء بتقديم استقالات جماعية حال لم تنفذ الوزارة ما يليها. وبعد انقضاء الفترة المحددة ولم تنفذ الوزارة ما عليها قرر الاطباء تقديم استقالات جماعية ويبرر وزير الصحة اسامة ادم في حديثه ل«الإنتباهة» فشل وزارته، بان قضايا الاطباء متجذرة ولا يمكن حلها في فترة وجيزة، واضاف هذا الحل مستحيل في ولاية بعيدة عن المركز وفقيرة من الجانب المالي لافتاً ان اعترافه بشرعية المطالب يعتبر هذا حسن نية تجاه حلها، وكان يتطلب على الاطباء عدم ربط المطالب بالزمن، وحول الاعتداءات المتكررة على الاطباء قال الوزير ان أي اعتداء على طبيب سلوك مرفوض، لكنه عاد واكد ان هذا السلوك مربوط بثقافة المجتمع وهذا المجتمع عانى لفترات طويلة من الحرب، واضاف أي انسان اصبح عنده الاستعداد العدواني لذلك لا نستطيع توفير الحماية بنسبة «100%» للاطباء ما لم نغير ثقافة المجتمع بأسره ونفى أسامة بشدة ان يكون قد ميز الاطباء في قبول الاستقالات حسب اتهامهم له، وقال نحن قبلنا استقالات ستة من الذين تقدموا باستقالاتهم واضاف نحن فعلنا ذلك لاننا نعرف اداء الاطباء، واشار الى ان الاطباء الذين قبلت استقالاتهم كان اداؤهم الطبي صفراً ولا يوجد أي عمل ملموس لهم داخل المستشفى، واضاف هؤلاء لهم اجندات واسباب اخرى لا نريد ذكرها واتهمهم بانهم كانوا يحرضون الاطباء على الاضرابات، في وقت دافع فيه الاطباء عن موقفهم وقالوا ل«الإنتباهة» إن الوزير يستهدفهم وظهر هذا الاستهداف بشكله الواضح في قبول ست استقالات من جملة ست عشرة استقالة، وطالبوا الوزير بحل المشاكل الحقيقية التي تعاني منها المستشفى، وان قبول استقالات جزئية لا يحل الوضع المتأزم، وفي غضون ذلك تقدم العشرة اطباء الذين لم تقبل استقالاتهم بالاضافة الى ثلاثة آخرين باستقالات جماعية مرة اخرى تضامناً مع زملائهم ورفضوا كل المحاولات لاثنائهم عن موقفهم، ويرى اسامة هذا الاجراء بالطبيعي بعد قبول استقالات زملائهم، لكنه اكد ان استقالاتهم مرفوضة جملة وتفصيلاً، اما المدير الطبي للمستشفى قمر الانبياء قال ل«الإنتباهة»، إن قبول الاستقالات شأن وزاري لكنه اقر بان الوضع في المستشفى ازداد سوءاً بعد قبول الاستقالات وكشف عن توقف كل العمليات الباردة واستمرار العمل في الطوارئ، وفي الاثناء ومن ناحيتهم قرر اطباء الامتياز التوقف عن العمل واشاروا الى انهيار الوضع الصحي بالولاية بقبول الاستقالات، في وقت هددت فيه الوزارة بفصلهم عن العمل اذا لم يرجعوا خلال «24» ساعة لكن وزير الصحة تراجع عن تلك التصريحات، الامر الذي يشير الى التخبط في ادارة هذه الازمة وقال هذه الخطوة لا نريد الاستعجال فيها، لان أي اجراء تجاه طبيب الامتياز سيكون له نتائج كارثية على مستقبلهم واضاف نحن نعتبرهم حديثي التخرج ما زالوا يتعاملون بعقلية الطلبة ولم يتدربوا على الحياة المدنية، سنعاملهم باسلوب تربوي اكثر من عقابي وهدد الوزير الاطباء الذين قبلت استقالاتهم من دخول المستشفى اوالتحريض على الاضرابات، وقال هنالك اجراءات قانونية سنتخذها تجاه بعض الاطباء وان أي طبيب قبلت استقالته اصبح خارج المنظومة الصحية وسنتعامل معه وفق القانون.