رفع موسم الخريف المتميز هذا العام في منطقة دارفور بصورة عامة وولاية وسط دارفور بصورة أكثر خصوصية، رفع معنويات وطموحات الزراع الذين استبشروا بحصاد وفير ومتنوع بُعيد موسم أمطار سجل معدلات عالية ما يعطي مؤشرات إيجابية عن أسعار المحصولات التي وصلت مستويات مرتفعة خلال الموسم الزراعي المنصرم، وكانت الأنشطة الزراعية هذا العام تراوحت في الغالب بين الأصناف الزراعية التي شملت الغلال خاصة الدخن والذرة بأنواعها المختلفة، والمنتجات الزراعية الأخرى التي تسهم في استهلاك المواطن اليومي واكتفائه الذاتي. غير أنه سرعان ما تحرك الصراع القديم المتجدد بين الرعاة والمزارعين.. وبطبيعة الحال فالصراع القديم وبشكله التقليدي تطور في الفترة الأخيرة لتدخل فيه أبعاد أخرى على مستوى أطراف ومكونات الصراع وعلى مستوى أداوته. هذا وكانت قيادات قبلية بالولاية وفي لقاء مفتوح مع الشرتاي جعفر عبد الحكم والي الولاية، قد حذرت من اشتباكات محتملة في فترة الحصاد، الأمر الذي ستترتب عليه مشكلات لا تراعي ظروف الولاية التي لا تحتمل نزاعات إضافية.. وواقع الحال مازال يشي بأزمات تلوح بين الفينة والأخرى. وفي ذات السياق وحسب إفادة العمدة الزبير خميس عمدة مدينة زالنجي ل «الإنتباهة» فقد وقعت اشتباكات بمحلية وادي صالح الأسبوع المنصرم ناجمة عن صراع حول مزرعة، حيث أودى هذا الاشتباك بحياة ثلاثة أفراد امرأة وابنها من قبيلة الفور وأحد الرعاة من قبيلة النوايبة، وذلك بعد تعدي الأخير على مزرعة المرأة وابنها بعد إطلاقه النار عليهما مما اودى بحياتهما، الأمر الذي دفع أهالي الضحايا إلى قتل القاتل. ووفقاً للعمدة الزبير خميس فقد تقرر أن تدفع قبيلة النوايبة مبلغ مئة ألف جنيه دية لقبيلة الفور، فيما تقوم قبيلة الفور بدية الراعي بمبلغ خمسين ألف جنيه. وهي خطوة استباقية لقطع الطريق امام تطور أزمة، كان من المتوقع أن تكون لها عواقب وخيمة على المنطقة. وأضاف خميس أن سرعة التعامل مع القضية ساهم في وأد فتنة كانت وشيكة. هذا ويري مراقبون للوضع أن الظروف الحالية تحمل في طياتها مخاطر حقيقية على الموسم الزراعي في ظل غياب واضح لدور حكومة الولاية الذي ينبغي أن يتابع سير عمليات الحصاد وخطوط الرعي «المراحيل» وذلك عبر وسائل القانون والتوعية المختلفة .. إلا أن العمدة خميس نفى ذلك، مؤكداً متابعة سير عمليات الحصاد بشكل جدي ودقيق عبر لجان مكونة تتابع العمل خطوة بخطوة.. وأكد خميس أن الحصاد بدأ بمحصول الفول وبعض المنتجات الأخرى في انتظار بقية المحاصيل، مضيفاً أن كل ذلك يتم بدون أية مشكلات تذكر بعيداً عن تخريب المخربين أو تعدي أصحاب المواشي. تجدر الإشارة إلى أن الولاية شهدت في الموسم المنصرم اشتباكات ونزاعات قبلية انعكست سلباً على والوضع الاقتصادي بالولاية، وذلك لشح المحاصيل الزراعية، مما ادى إلى ارتفاع كبير ومطرد للأسعار وهدد بدخول المنطقة في مجاعة حقيقية، كل ذلك نتيجة لدخول الولاية في صراعات قبلية وسياسية في توقيت كان الناس أحوج ما يكونون فيه إلى الاستقرار.. هذا وما لم تتعلم الجهات المعنية مما سبق في العام الماضي، فإن الولاية لا محالة ستكون عرضة لمشكلة حقيقية في المؤن والمنتجات الزراعية في ظروف قادمة لعلها أعقد بكثير مما سلف.